بالنبوة قدر يهدي الله إلى نبوته. وقيل: إلى الاستدلال بالآيات، ثم ذكر تعالى أنه يضرب الأمثال للناس ليقع لهم العبرة والنظر المؤدي إلى الإيمان، ثم ذكر إحاطة علمه بالأشياء فهو يضع هداه عند من يشاء. * (فى بيوت) * متعلق بيوقد قاله الرماني، أو في موضع الصفة لقوله * (كمشكاة) * أي كمشكاة في بيوت قاله الحوفي، وتبعه الزمخشري قال * (كمشكاة) * في بعض بيوت الله وهي المساجد. وقال * (مثل نوره) * كما ترى في المسجد نور المشكاة التي من صفتها كيت وكيت انتهى. وقوله كأنه إلى آخره تفسير معنى لا تفسير إعراب أو في موضع الصفة لمصباح أي مصباح * (فى بيوت) * قاله بعضهم أو في موضع الصفة لزجاجة قاله بعضهم، وعلى هذه الأقوال الأربعة لا يوقف على قوله * (عليم) *. وقيل: * (فى بيوت) * مستأنف والعامل فيه * (يسبح) * حكاه أبو حاتم وجوزه الزمخشري. فقال: وقد ذكر تعلقه بكمشكاة قال: أو بما بعده وهو * (يسبح) * أي * (يسبح له) * رجال في بيوت وفيها تكرير كقولك زيد في الدار جالس فيها أو بمحذوف كقوله * (وأدخل يدك فى) * أي سبحوا في بيوت انتهى. وعلى هذا الأقوال الثلاثة يوقف على قوله * (عليم) * والذي اختاره أن يتعلق * (فى بيوت) * بقوله * (يسبح) * وإن ارتباط هذه بما قبلها هو أنه تعالى لما ذكر أنه يهدي لنوره من يشاء ذكر حال من حصلت له الهداية لذلك النور وهم المؤمنون، ثم ذكر أشرف عبادتهم القلبية وهو تنزيههم الله عن النقائص وإظهار ذلك بالتلفظ به في مساجد الجماعات، ثم ذكر سائر أوصافهم من التزام ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وخوفهم ما يكون في البعث. ولذلك جاء مقابل المؤمنين وهم الكفار في قوله * (والذين كفروا) * وكأنه لما ذكرت الهداية للنور جاء في التقسيم لقابل الهداية وعدم قابلها، فبدىء بالمؤمن وما تأثر به من أنواع الهدى ثم ذكر الكافر. والظاهر أن قوله * (فى بيوت) * أريد به مدلوله من الجمعية.
وقال الحسن: أريد به بيت المقدس، وسمى بيوتا من حيث فيه يتحيز بعضها عن بعض، ويؤثر أن عادة بني إسرائيل في وقيده في غاية التهمم والزيت مختوم على ظروفه وقد صنع صنعة وقدس حتى لا يجري الوقيد بغيره، فكان أضوأ بيوت الأرض. والظاهر أن * (فى بيوت) * مطلق فيصدق على المساجد والبيوت التي تقع فيها الصلاة والعلم. وقال مجاهد: بيوت الرسول صلى الله عليه وسلم). وقال ابن عباس والحسن أيضا ومجاهد: هي المساجد التي من عادتها أن تنور بذلك النوع من المصابيح. وقيل: الكعبة وبيت المقدس ومسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ومسجد قباء. وقيل: بيوت الأنبياء. ويقوي أنها المساجد قوله * (يسبح له فيها بالغدو والاصال) * وإذنه تعالى وأمره بأن * (ترفع) * أي يعظم قدرها قاله الحسن والضحاك. وقال ابن عباس ومجاهد: تبنى وتعلى من قوله * (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) *. وقيل: * (ترفع) * تظهر من الأنجاس والمعاصي. وقيل: * (ترفع) * أي ترفع فيها الحوائج إلى الله. وقيل: * (ترفع) * الأصوات بذكر الله وتلاوة القرآن.
* (ويذكر فيها اسمه) * ظاهره مطلق الذكر فيعم كل ذكر عموم البدل. وعن ابن عباس: توحيده وهو لا إله إلا الله. وعنه: يتلى فيها كتابه. وقيل: أسماؤه الحسنى. وقيل: يصلى فيها. وقرأ الجمهور * (يسبح) * بكسر الباء وبالياء من تحت، وابن وثاب وأبو حيوة كذلك إلا أنه بالتاء من فوق، وابن عامر وأبو بكر والبحتري عن حفص ومحبوب عن أبي عمرو والمهال عن يعقوب والمفضل وأبان بفتحها وبالياء من تحت واحد المجرورات في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله، والأولى الذي يلي الفعل لأن طلب الفعل للمرفوع أقوى من طلبه للمنصوب الفضلة. وقرأ أبو جعفر: تسبح بالتاء من فوق وفتح الباء.
وقال الزمخشري: ووجهها أن تسند إلى أوقات الغدو والآصال على زيادة الباء، وتجعل الأوقات مسبحة. والمراد بها كصيد عليه يومان والمراد وحشهما انتهى. ويجوز أن يكون المفعول الذي لم يسم فاعله ضمير التسبيحة الدال عليه * (تسبح) * أي تسبح له هي أي التسبيحة كما قالوا * (ليجزى قوما) * في قراءة من بناء للمفعول أي ليجزي هو أي الجزاء.
وقرأ أبو مجلز: والإيصال وتقدم نظيره وارتفع * (رجال) * على هاتين القراءتين على الفاعلية بإضمار فعل أي * (يسبح) * أو يسبح له رجال. واختلف في اقتياس هذا، فعلى اقتياسه نحو ضربت هند زيد أي ضربها زيد، ويجوز أن