تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٣٩١
يلقي إليه فكره انتهى. وقرأ الحسن والكسائي في رواية * (العادين) * بتخفيف الدال أي الظلمة فإنهم يقولون كما تقول. قال ابن خالويه: ولغة أخرى العاديين يعني بياء مشددة جمع عادي يعني للقدماء. وقال الزمخشري: وقرئ العاديين أي القدماء المعمرين فإنهم يستقصرونها فيكف بمن دونهم.
وقرأ الأخوان * (قل إن * لبثتم) * على الأمر، وباقي السبعة و * (ءان) * نافية أي ما * (لبثتم إلا قليلا) * أي قريب ولكنكم كذبتم به إذ كنتم لا تعلمون أي لم ترغبوا في العلم والهدى وانتصب * (عبثا) * على الحال أي عابثين أو على أنه مفعول من أجله، والمعنى في هذا ما خلقناكم للعبث، وإنما خلقناكم للتكليف والعبادة. وقرأ الأخوان * (لا ترجعون) * مبنيا للفاعل، وباقي السبعة مبنيا للمفعول، والظاهر عطف * (وإنكم) * على * (إنما) * فهو داخل في الحسبان.
وقال الزمخشري: يجوز أن يكون على * (عبثا) * أي للعبث ولترككم غير مرجوعين انتهى.
* (فتعالى الله) * أي تعاظم وتنزه عن الصاحبة والولد والشريك والعبث وجميع النقائص، بل هو * (الملك الحق) * الثابت هو وصفاته العلي و * (الكريم) * صفة للعرش لتنزل الخيرات منه أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين. وقرأ أبان بن تغلب وابن محيصن وأبو جعفر وإسماعيل عن ابن كثير * (الكريم) * بالرفع صفة لرب العرش أو * (العرش) *، ويكون معطوفا على معنى المدح.
و * (من) * شرطية والجواب * (فإنما) * و * (لا برهان له به) * صفة لازمة لا للاحتراز من أن يكون ثم آخر يقوم عليه برهان فهي مؤكدة كقوله * (يطير بجناحيه) * ويجوز أن تكون جملة اعتراض إذ فيها تشديد وتأكيد فتكون لا موضع لها من الإعراب كقولك: من أساء إليك لا أحق بالإساءة منه، فأسيء إليه. ومن ذهب إلى أن جواب الشرط هو * (لا برهان له به) * هروبا من دليل الخطاب من أن يكون ثم داع له برهان فلا يصح لأنه يلزم منه حذف الفاء في جواب الشرط، ولا يجوز إلا في الشعر وقد خرجناه على الصفة اللازمة أو على الاعتراض وكلاهما تخريج صحيح. وقرأ الحسن وقتادة (انه) لا يفلح بفتح الهمزة، أي هو فوضع الكافرون موضع الضمير حملا على معنى من والجمهور بكسر الهمزة وخبر (حسابه) الظرف أنه استئناف وقرأ الحسن يفلح بفتح الفاء واللام وافتتح السورة بقوله * ( قد أفلح المؤمنون) * وأورد في خاتماتها إنه لا يفلح الكافرون فانظر تفاوت بين الإفتتاح والاختتام، ثم امر رسول الله صلى الله عليه وسلم) بان يدعوا بالغفران والرحمة وقرأ ابن محيص وقرأ الحسن وقتادة * (إنه لا يفلح) * بفتح الهمزة أي هو فوضع * (الكافرون) * موضع الضمير حملا على معنى من، والجمهور بكسر الهمزة وخبر * (حسابه) * الظرف و * (أنه) * استئناف. وقرأ الحسن * (يفلح) * بفتح الفاء واللام، وافتتح السورة بقوله * (قد أفلح المؤمنون) * وأورد في خاتمتها * (إنه لا يفلح الكافرون) * فانظر تفاوت ما بين الافتتاح والاختتام. ثم أمر رسوله عليه السلام بأن يدعو بالغفران والرحمة. وقرأ ابن محيصن * (رب) * بضم الباء.
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»