تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٣٩٢
((سورة النور)) مدنية بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيهآ ءايات بينات لعلكم تذكرون * الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الا خر وليشهد عذابهما طآئفة من المؤمنين * الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحهآ إلا زان أو مشرك وحرم ذالك على المؤمنين * والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهدآء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولائك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذالك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم * والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهدآء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين * ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليهآ إن كان من الصادقين * ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم) *)) 2 هذه السورة مدنية بلا خلاف، ولما ذكر تعالي مشركي قريش ولهم أعمال من دون ذلك أي أعمال سيئة هم لها عاملون، واستطرد بعد ذلك إلى أحوالهم، واتخاذهم الولد والشريك، وإلى مآلهم في النار كان من أعمالهم السيئة أنه كان لهم جوار بغايا يستحسنون عليهن ويأكلون من كسبهم من الزنا، فأنزل الله أول هذه السورة تغليظا في أمر الزنا وكان فيما ذكر وكأنه لا يصح ناس من المسلمين هموا بنكاحهن.
وقرأ الجمهور * (سورة) * بالرفع فجوزوا أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هذه * (سورة) * أو مبتدأ محذوف الخبر، أي فيما أوحينا إليك أو فيما يتلى عليكم. وقال ابن عطية: ويجوز أن يكون مبتدأ أو الخبر * (الزانية والزانى) * وما بعد ذلك، والمعنى السورة المنزلة والمفروضة كذا وكذا إذ السورة عبارة عن آيات مسرودة لها بدء وختم إلا أن يكون المبتدأ ليس بالبين أنه الخبر إلا أن يقدر الخبر في السورة كلها وهذا بعيد في القياس و * (أنزلناها) * في هذه الأعاريب في موضع الصفة انتهى.
وقرأ عمر بن عبد العزيز ومجاهد وعيسى بن عمر الثقفي البصري وعيسى بن عمر الهمداني الكوفي وابن أبي عبلة وأبو حيوة ومحبوب عن أبي عمرو وأم الدرداء * (سورة) * بالنصب فخرج على إضمار فعل أي أتلو سورة و * (أنزلناها) * صفة. قال الزمخشري: أو على دونك * (سورة) * فنصب على الإغراء، ولا يجوز حذف أداة الإغراء وأجازوا أن يكون من باب الاشتغال أي أنزلنا * (سورة أنزلناها) * فأنزلناها مفسر لأنزلنا المضمرة فلا موضع له من الإعراب إلا أنه فيه الابتداء بالنكرة من غير مسوغ إلا إن اعتقد حذف وصف أي * (سورة
(٣٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 ... » »»