قاصرون، وكلاهما يتعدى بعلى كقوله * (أمسك عليك زوجك) * وتكلف الزمخشري هنا وجوها. فقال * (على أزواجهم) * في موضع الحال أي الأوالين على أزواجهم أو قوامين عليهن من قولك: كان فلان على فلانة فمات عنها فخلف عليها فلانا، ونظيره كان زياد على البصرة أي واليا عليها. ومنه قولهم: فلان تحت فلان ومن ثم سميت المرأة فراشا أو تعلق على بمحذوف يدل عليه غير ملومين، كأنه قيل: يلامون * (إلا على أزواجهم) * أي يلامون على كل مباشر إلا على أما أطلق لهم * (فإنهم غير ملومين) * عليه أو يجعله صلة لحافظين من قولك احفظ علي عنان فرسي على تضمينه معنى النفي، كما ضمن قولهم: نشدتك الله إلا فعلت بمعنى ما طلبت منك إلا فعلك انتهى. يعني أن يكون حافظون صورته صورة المثبت وهو منفي من حيث المعنى، أي والذين هم لم يحفظوا فروجهم إلا على أزواجهم، فيكون استثناء مفرغا متعلقا فيه على بما قبله كما مثل بنشدتك الذي صورته صورة مثبت، ومعناه النفي أي ما طلبت منك. وهذه التي ذكرها وجوه متكلفة ظاهر فيها العجمة.
وقوله * (وما ملكت) * أريد بما النوع كقوله * (فانكحوا ما طاب لكم) * وقال الزمخشري: أريد من جنس العقلاء ما يجري مجرى غير العقلاء وهم الإناث انتهى. وقوله وهم الإناث ليس بجيد لأن لفظ هم مختص بالذكور، فكان ينبغي أن يقول وهو الإناث على لفظ ما أوهن الإناث على معنى ما، وهذا الاستثناء حد يجب الوقوف عنده، والتسري خاص بالرجال ولا يجوز للنساء بإجماع، فلو كانت المرأة متزوجة بعبد فملكته فأعتقته حالة الملك انفسخ النكاح عند فقهاء الأمصار. وقال النخعي والشعبي وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة: يبقيان على نكاحهما وفي قوله * (أو ما ملكت أيمانهم) * دلالة على تعميم وطء ما ملك باليمين وهو مختص بالإناث بإجماع، فكأنه قيل * (أو ما ملكت أيمانهم) * من النساء. وفي الجمع بين الأختين من ملك اليمين وبين المملوكة وعمتها أو خالتها خلاف، ويخص أيضا في الآية بتحريم وطء الحائض والأمة إذا زوجت والمظاهر منها حتى يكفر، ويشمل قوله وراء ذلك الزنا واللواط ومواقعة البهائم والاستمناء ومعنى وراء ذلك وراء هذا الحد الذي حد من الأزواج ومملوكات النساء، وانتصابه على أنه مفعول بابتغى أي خلاف ذلك. وقيل: لا يكون وراء هنا إلا على حذف تقدير ما وراء ذلك.
والجمهور على تحريم الاستمناء ويسمى الخضخضة وجلد عميرة يكنون عن الذكر بعميرة، وكان أحمد بن حنبل يجيز ذلك لأنه فضلة في البدن فجاز إخراجها عند الحاجة كالقصد والحجامة، وسأل حرملة بن عبد العزيز مالكا عن ذلك فتلا هذه الآية وكان جرى في ذلك كلام مع قاضي القضاة أبي الفتح محمد بن علي بن مطيع القشيري ابن دقيق العيد فاستدل على منع ذلك بما استدل مالك من قوله * (فمن ابتغى وراء ذالك) * فقلت له: إن ذلك خرج مخرج ما كانت العرب تفعله من الزنا والتفاخر بذلك في أشعارها، وكان ذلك كثيرا فيها بحيث كان في بغاياهم صاحبات رايات، ولم يكونوا ينكرون ذلك. وأما جلد عميرة فلم يكن معهودا فيها ولا ذكره أحد منهم في أشعارهم فيما علمناه فليس بمندرج في قوله * (وراء ذالك) * ألا ترى أن محل ما أبيح وهو نساؤهم بنكاح أو تسر فالذي وراء ذلك هو من جنس ما أحل لهم وهو النساء، فلا يحل لهم شيء منهن إلا بنكاح أو تسر، والظاهر أن نكاح المتعة لا يندرج تحت قوله * (فمن ابتغى وراء ذالك) * لأنها ينطلق عليها اسم زوج. وسأل الزهري القاسم بن محمد عن المتعة فقال: هي محرمة في كتاب الله وتلا * (والذين هم لفروجهم حافظون) * الآية ولا يظهر التحريم في هذه الآية.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو في رواية لأمانتهم بالإفراد وباقي السبعة بالجمع، والظاهر عموم الأمانات فيدخل فيها ما ائتمن تعالى عليه العبد من قول وفعل واعتقاد، فيدخل في ذلك جميع الواجبات من الأفعال والتروك وما ائتمنه الإنسان قبل، ويحتمل الخصوص في أمانات الناس. والأمانة: هي الشيء المؤتمن عليه ومراعاتها القيام عليها لحفظها إلى أن تؤدى، والأمانة أيضا المصدر وقال تعالى * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الاحمانات إلى أهلها) * والمؤدى هو العين المؤتمن عليه أو القول إن كان المؤتمن عليه لا المصدر. وقرأ الأخوان على صلاتهم بالتوحيد، وباقي السبعة بالجمع. والخشوع