عبد الله الرازي: لا شبهة أن الكلمة إخبار الله تعالى ملائكته وكتبه في اللوح المحفوظ أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم) وإن كذبوا يؤخرون ولا يفعل بهم ما فعل بغيرهم من الاستئصال انتهى.
والأجل أجل حياتهم أو أجل إهلاكهم في الدنيا أو عذاب يوم القيامة، أقوال: فعلى الأول يكون العذاب ما يلقى في قبره وما بعده. وعلى الثاني: قتلهم بالسيف يوم بدر. وعلى الثالث: هو عذاب جهنم. وفي صحيح البخاري (أن يوم بدر هو اللزام وهو البطشة الكبرى) والظاهر عطف * (وأجل مسمى) * على كلمة وأخر المعطوف عن المعطوف عليه، وفصل بينهما بجواب * (لولا) * لمراعاة الفواصل ورؤوس الآي، وأجاز الزمخشري أن يكون * (وأجل) * معطوفا على الضمير المستكن في كان قال أي * (لكان) * الأخذ العاجل * (وأجل مسمى) * لازمين له كما كانا لازمين لعاد وثمود، ولم ينفرد الأجل المسمى دون الأخذ العاجل انتهى.
ثم أمره تعالى بالصبر على ما يقول مشركو قريش، وهم الذين عاد الضمير عليهم في * (أفلم يهد لهم) * وكانوا يقولون أشياء قبيحة مما نص الله عنهم في كتابه، فأمره تعالى بالصبر على أذاهم والاحتمال لما يصدر من سوء أخلاقهم، وأمره بالتسبيح والحمد لله و * (إن ربك) * في موضع الحال، أي وأنت حامد لربك. والظاهر أنه أمر بالتسبيح مقرونا بالحمد، وإما أن يراد اللفظ أي قل سبحان الله والحمد لله، أو أريد المعنى وهو التوزيه والتبرئة من السوء والثناء الجميل عليه. وقال أبو مسلم: لا يبعد حمله على التنزيه والإجلال، والمعنى اشتغل بتنزيه الله في هذه الأوقات. قال أبو عبد الله الرازي: وهذا القول أقرب إلى الظاهر وإلى ما تقدم ذكره لأنه صبره أولا * (على ما يقولون) * من التكذيب ومن إظهار الكفر والشرك الذي يليق بذلك أن يؤمر بتنزيهه عن قولهم حتى يكون مظهرا لذلك وداعيا، ولذلك ما جمع كل الأوقات أو يراد المجاز فيكون المراد الصلاة فقبل طلوع الشمس صلاة الصبح وقبل غروبها صلاة العصر * (ومن ءاناء اليل) * المغرب والعتمة * (وأطراف النهار) * الظهر وحده. قال ابن عطية: ويحتمل اللفظ أن يراد قول سبحان الله وبحمده من بعد صلاة الصبح إلى ركعتي الضحى وقبل غروب الشمس، فقد قال عليه السلام: (من سبح عند غروب الشمس سبعين تسبيحة غربت بذنوبه) انتهى.
وقال الزمخشري: * (وقبل غروبها) * يعني الظهر والعصر لأنهما واقعتان في النصف الأخير من النهار بين زوال الشمس وغروبها، وتعمد * (أمن هو) * * (وأطراف النهار) * مختصا لها بصلاتك، وذلك أن أفضل الذكر ما كان بالليل لاجتماع القلب وهدو الرجل والخلو بالرب. وقال تعالى: * (إن ناشئة اليل) * وقال: * (أمن هو قانت ءاناء اليل) * الآيتين. ولأن الليل وقت السكون والراحة فإذا صرف إلى العبادة كانت على النفس أشد وأشق وللبدن أتعب وأنصب، فكانت أدخل في معنى التكليف وأفضل عند الله وقد تناول التسبيح في * (أمن هو) * صلاة العتمة * (وفى * اليل النهار) * صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار إرادة الاختصاص كما اختصت في قوله * (حافظوا على الصلوات والصلواة الوسطى) * عند بعض المفسرين انتهى. وجاء هنا * (وأطراف النهار) * وفي هود * (وأقم الصلواة طرفى النهار) * فقيل: جاء على حد قوله.
ومهمهين قذفين مرتين. ظهراهما مثل ظهور الترسين.
جاءت التثنية على الأصل والجمع لا من اللبس إذ النهار ليس له إلا طرفان. وقيل: هو على حقيقة الجمع الفجر الطرف الأول، والظهر والعصر من الطرف الثاني، والطرف الثالث المغرب والعشاء. وقيل: النهار له أربعة أطراف عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند زوال الشمس، وعند وقوفها للزوال. وقيل: الظهر في آخر طرف النهار الأول، وأول طرف النهار الآخر، فهي في طرفين منه، والطرف الثالث غروب الشمس وهو وقت المغرب. وقيل