طاعته. وقال الزمخشري: وعدهم الله بعدما استوفى الأربعين أن يعطيهم التوراة التي فيها هدى ونور، ولا وعد أحسن من ذاك وأجمل. وقال الحسن: الوعد الحسن الجنة. وقيل: أن يسمعهم كلامه والعهد الزمان، يريد مفارقته لهم يقال طال عهدي بكذا أي طال زماني بسبب مفارقتك، وعدوه أن يقيموا على أمره وما تركهم عليه من الإيمان فأخلفوا موعد بعبادتهم العجل انتهى.
وانتصب * (وعدا) * على المصدر والمفعول الثاني ليعدكم محذوف أو أطلق الوعد ويراد به الموعود فيكون هو المفعول الثاني وفي قوله * (أفطال) * إلى آخره توقيف على أعذار لم تكن ولا تصح لهم وهو طول العهد حتى يتبين لهم خلف في الموعد وإرادة حلول غضب الله، وذلك كله لم يكن ولكنهم عملوا عمل من لم يتدبر. وسمي العذاب غضبا من حيث هو ناشىء عن الغضب فإن جعل بمعنى الإرادة فصفة ذات أو عن ظهور النقمة والعذاب فصفة فعل. * (موعدى) * مصدر يحتمل أن يضاف إلى الفاعل أي أوجدتموني أخلفت ما وعدتكم من قول العرب. فلان أخلف وعد فلان إذا وجد وقع فيه الخلف قاله المفضل، وأن يضاف إلى المفعول وكانوا وعدوه أن يتمسكوا بدين الله وسنة موسى عليه السلام ولا يخالفوا أمر الله أبدا فأخلفوا موعده بعبادتهم العجل.
وقرأ الأخوان والحسن والأعمش وطلحة وابن أبي ليلى وقعنت بملكنا بضم الميم. وقرأ زيد بن علي ونافع وعاصم وأبو جعفر وشيبة وابن سعدان بفتحها وباقي السبعة بكسرها. وقرأ عمر رضي الله عنه بملكنا بفتح الميم واللام وحقيقته بسلطاننا، فالملك والملك بمنزلة النقض والنقض. والظاهر أنها لغات والمعنى واحد وفرق أبو علي وغيره بين معانيها فمعنى الضم أنه لم يكن لنا ملك فنخلف موعدك بسلطانه وإنما أخلفناه بنظر أدى إليه ما فعل السامري، فليس المعنى أن لهم ملكا وإنما هذا كقول ذي الرمة:
* لا يشتكي سقط منها وقد رقصت * بها المفاوز حتى ظهرها حدب أي لا يكون منها سقطة فتشتكي، وفتح الميم مصدر من ملك والمعنى ما فعلنا ذلك بأنا ملكنا الصواب ولا وقفنا له، بل غلبتنا أنفسننا وكسر الميم كثر استعماله فيما تحوزه اليد ولكنه يستعمل في الأمور التي يبرمها الإنسان ومعناها كمعنى التي قبلها. والمصدر في هذين الوجهين مضاف إلى الفاعل والمفعول مقدر أي * (* يملكنا) * الصواب. وقال الزمخشري؛ أي * (قالوا ما أخلفنا موعدك) * بأن ملكنا أمرنا أي لو ملكنا أمرنا وخلينا ورأينا لما أخلفناه، ولكن غلبنا من جهة السامري وكيده.
* وقرأ الأخوان وأبو عمرو وابن محيصن بفتح الحاء والميم وأبو رجاء بضم الحاء وكسر الميم. وقرأ باقي السبعة وأبو جعفر وشيبة وحميد ويعقوب غير روح كذلك إلا أنهم شددوا الميم، والأوزار الأثقال أطلق على ما كانوا استعاروا من لقيط برسم التزين أوزارا لثقلها، أو لسبب أنهم أثموا في ذلك فسميت أوزارا لما حصلت الأوزار التي هي الآثام بسببها. والقوم هنا القبط. وقيل: أمرهم بالاستعارة موسى. وقيل: أمر الله موسى بذلك. وقيل: هو ما ألقاه البحر مما كان على الذين غرقوا. وقيل: الأوزار التي هي الآثام من جهة أنهم لم يردوها إلى أصحابها، ومعنى أنهم حملوا الآثام وقذفوها على ظهورهم كما جاؤهم يحملون أوزارهم على ظهورهم. وقيل معنى * (* فقذفناهم) * أي الحلي على أنفسنا وأولادنا. وقيل * (القوم فقذفناها) * في النار أي ذلك الحلي، وكان أشار عليهم بذلك السامري فحفرت حفرة وسجرت فيها النار وقذف كل من معه شيء ما عنده من ذلك في النار. وقذف السامري ما معه. ومعنى * (فكذلك) * أي مثل قذفنا إياها * (ألقى السامرى) * ما كان معه. وظاهر هذه الألفاظ أن العجل لم يصنعه السامري.
وقال الزمخشري: * (فكذلك ألقى السامرى) * أراهم أنه يلقي