فقال: بل هو يعلمني، فقال ابن عباس: كان في مكة غلام أعجمي لبعض قريش يقال له: بلعام، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعلمه الإسلام فقالت قريش: هذا يعلم محمدا من جهة الأعاجم. وقال الضحاك: الإشارة إلى سلمان الفارسي، وضعف هذا من جهة أن سلمان إنما أسلم بعد الهجرة، وهذا السورة مكية إلا ما نبه عليه أنه مدني. واللسان: هنا اللغة. وقرأ الحسن: اللسان الذي بتعريف اللسان بأل، والذي صفته. وقرأ حمزة والكسائي: يلحدون من لحد ثلاثيا، وهي قراءة عبد الله بن طلحة، والسلمي، والأعمش، ومجاهد، وقرأ باقي السبعة، وابن القعقاع: بضم الياء وكسر الحاء من ألحد رباعيا وهما بمعنى واحد. قال الزمخشري: يقال ألحد القبر ولحده، فهو ملحد وملحودا ذا أمال حفره عن الاستقامة فحفر في شق منه، ثم استعير لكل إمالة عن استقامة فقالوا: ألحد فلان في قوله: وألحد في دينه لأنه أمال دينه عن الأديان كلها، لم يمله من دين إلى دين. والمعنى: لسان الرجل الذي يميلون قولهم عن الاستقامة إليه لسان أعجمي غير بين، وهذا القرآن لسان عربي مبين ذو بيان وفصاحة، ردا لقولهم وإبطالا لطعنهم انتهى. وظاهر قول الزمخشري: إن اللسان في الموضعين اللغة. وقال ابنعطية: وهذا إشارة إلى القرآن، والتقدير: وهذا سرد لسان أو نطق لسان، فهو على حذف مضاف، وهذا على أن يجعل اللسان هنا الجارة. واللسان في كلام العرب اللغة، ويحتمل أن يراد في هذه الآية. وقال الكرماني: المعنى أنتم أفصح وأبلغهم وأقدرهم على الكلام نظما ونثرا، وقد عجزتم وعز جميع العرب، فكيف تنسبونه إلى أعجمي ألكن؟
قال الزمخشري: (فإن قلت): الجملة التي هي قوله لسان الذي يلحدون إليه أعجمي، ما محلها؟ (قلت): لا محل لها، لأنها مستأنفة جواب لقولهم، ومثله قول الله: أعلم، حيث يجعل رسالاته بعد قوله: * (وإذا جاءتهم ءاية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله) * انتهى. ويجوز عندي أن تكون جملة حالية فموضعها نصب وذلك أبلغ في الإنكار عليهم أي: يقولون ذلك والحالة هذه أي: علمهم بأعجمية هذا البشر وإبانة عربية هذا القرآن كان يمنعهم من تلك المقالة، كما تقول: تشتم فلانا وهو قد أحسن إليك أي: علمك بإحسانه لك كان يقتضي منعك من شتمه. وإنما ذهب الزمخشري إلى الاستئناف ولم يذهب إلى الحال، لأن من مذهبه أن مجيء الجملة الحالية الاسمية بغير واو شاذ، وهو مذهب مرجزوح جدا، ومجئ ذلك بغير واو لا يكاد ينحصر كثرة في كلام العرب، وهو مذهب تبع فيه الفراء، وأما الله أعلم فظاهر قوله فيها، لأنها جملة خالية من ضمير يعود على ذي الحال، لأن ذا الحال هو ضمير قالوا، وفي هذه الآية ذو الحال ضمير يقولون، والضمير الذي في جملة الحال هو ضمير الفاعل في يلحدون، فالجملة وإن عريت عن الواو ففيها ضمير ذي الحال.
* (إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم ولهم عذاب أليم * إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون * من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولاكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب (سقط: من الله وله عذاب عظيم، ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين، أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون، لا جرم أنهم في