الأيكة اسم الناحية، فيكون علما. ويقويه قراءة من قرأ في الشعراء وص: ليكة ممنوع الصرف. كفروا فسلط الله عليهم الحر، وأهلكوا بعذاب الظلة. ويأتي ذلك مستوفى إن شاء الله تعالى في سورة الشعراء. وإن عند البصريين هي لمخففة من الثقيلة، وعند الفراء نافية، واللام بمعنى ألا. وتقدم نظير ذلك في: * (وإن كانت لكبيرة) * في البقرة. والظاهر قول الجمهور من أن الضمير في وأنهما عائد على قريتي: قوم لوط، وقوم شعيب. أي: على أنهما ممر السائلة. وقيل: يعود على شعيب ولوط أي: وإنهما لبإمام مبين، أي بطريق من الحق واضح، والإمام الطريق. وقيل: وإنهما أي: الحر بهلاك قوم لوط وأصحاب الأيكة، لفي مكتوب مبين أي: اللوح المحفوظ. قال مؤرج: والإمام الكتاب بلغة حمير. وقيل: يعود على أصحاب الأيكة ومدين، لأنه مرسل إليهما، فدل ذكر أحدهما على الآخر، فعاد الضمير إليهما.
* (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين * وءاتيناهم * فكانوا عنها معرضين * وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ءامنين * فأخذتهم الصيحة مصبحين * فمآ أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) *: أصحاب الحجر ثمود قوم صالح عليه السلام، والحجر أرض بين الحجاز والشام، وتقدمت قصته في الأعراف مستوفاة. والمرسلين يعني بتكذيبهم صالحا، لأن من كذب واحدا منهم فكأنما كذبهم جميعا. قال الزمخشري: أو أراد صالحا ومن معه من المؤمنين كما قيل: الخبيبيون في ابن الزبير وأصحابه. وعن جابر قال: مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) على الحجر فقال لنا: * (لا تدخلوا * مساكن الذين ظلموا أنفسهم * إلا أن * تكونوا * حصب جهنم أنتم لها واردون * لو كان هؤلاء) * ثم زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم) راحلته فأسرع حتى خلفها وفي بعض طرقه ثم قال: * (هؤلاء قوم * صالح * وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون * أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) * قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: (أبو رغال) وإليه تنسب ثقيف.
وآتيناهم آياتنا قيل: أنزل إليهم آيات من كتاب الله، وقيل: يراد نصب الأدلة فأعرضوا عنها. وقيل: كان في الناقة آيات خمس. خروجها من الصخرة، ودنو نتاجها عند خروجها، وعظمها حتى لم تشبهها ناقة، وكثرة لبنها حتى يكفيهم جميعا. وقيل: كانت له آيات غير الناقة. وقرأ الجمهور: ينحتون بكسر الخاء. وقرأ الحسن، وأبو حيوة بفتحها وصفهم بشدة النظر للدنيا والتكسب منها، فذكر من ذلك مثالا وهو نقرهم بالمعاول ونحوها في الحجارة. وآمنين، قيل: من الانهدام. وقيل: من حوادث الدنيا. وقيل: من الموت لاغترارهم بطول الأعمار. وقيل: من نقب اللصوص، ومن الأعداء. وقيل: من عذاب الله، يحسبون أن الجبال تحميهم منه. قال ابن عطية: وأصح ما يظهر في ذلك أنهم كانوا يأمنون عواقب الآخرة، فكانوا لا يعملون بحسبها، بل كانوا يعملون بحسب الأمن منها. ومصبحين: داخلين في الصباح. والظاهر أن ما في قوله فما أغنى نافية، وتحتمل الاستفهام المراد منه التعجب. وما في كانوا يحتمل أن تكون مصدرية، والظاهر أنها بمعنى الذي، والضمير محذوف أي: يكسبونه من البيوت الوثيقة والأموال والعدد، بل خروا جاثمين هلكى * (وما خلقنا * السماوات والارض * وما بينهمآ إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل * السماوات والارض وما بينهمآ إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل * إن ربك هو الخلاق العليم * ولقد ءاتيناك سبعا من المثاني والقرءان العظيم * لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين * وقل إنى أنا النذير المبين * كمآ أنزلنا على المقتسمين * الذين جعلوا القرءان عضين * فوربك لنسئلنهم أجمعين * عما كانوا يعملون * فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزءين * الذين يجعلون مع الله إلاها ءاخر فسوف يعملون * ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) *: إلا بالحق أي: خلقا ملتبسا بالحق. لم يخلق شيء من ذلك عبثا ولا هملا، بل ليطيع من أطاع بالتفكر في ذلك الخلق العظيم، وليتذكر النشأة الآخرة بهذه النشأة الأولى. ولذلك نبه من يتنبه بقوله: وأن الساعة لآتية، فيجازي من أطاع ومن عصي. ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم) بالصفح