بعلامات ويحتمل أن يكون وهم يحملون إلى النار وسيماهم تسويد الوجه وتشويه الخلق، وقال أبو مجلز: الملائكة تنادي رجالا في النار وهذا على تفسيره أن الأعراف هم ملائكة والجمهور على أنهم آدميون ولفظ * (رجالا) * يدل على أنهم غير معينين، وقال ابن القشيري: ينادي أصحاب الأعراف رؤساء المشركين قبل امتحاء صورهم بالنار يا وليد بن المغيرة يا أبا جهل بن هشام يا عاصي بن وائل يا عتبة بن أبي معيط يا أمية بن خلف يا أبي بن خلف يا سائر رؤساء الكفار * (ما أغنى عنكم جمعكم) * في الدنيا المال والولد والأجناد والحجاب والجيوش * (وما كنتم تستكبرون) * عن الإيمان انتهى، * (وما أغنى) * استفهام توبيخ وتقريع، وقيل: نافية و * (ما) * في و * (ما كنتم) * مصدرية أي وكونكم تستكبرون وقرأت فرقة تستكثرون بالثاء مثلثة من الكثرة.
* (أهاؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله * برحمته * ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون) * الظاهر أن هذا من جملة مقول أهل الأعراف وتكون الإشارة إلى أهل الجنة الذين كان الرؤساء يستهينون بهم ويحقرونهم لفقرهم وقلة حظوظهم في الدنيا وكانوا يقسمون بالله تعالى لا يدخلهم الجنة قاله الزمخشري، وذكره ابن عطية عن بعض المتأولين، قال: الإشارة بهؤلاء إلى أهل الجنة والمخاطبون هم أهل الأعراف والذين خوطبوا أهل النار والمعنى * (أهاؤلاء) * الضعفاء في الدنيا الذين حلفتهم أن الله لا يعبأ بهم قبل لهم ادخلوا الجنة، وقال ابن عباس: * (أهاؤلاء) * من كلام ملك بأمر الله إشارة إلى أهل الأعراف ومخاطبة لأهل النار، قال النقاش لما وبخوهم بقولهم * (ما أغنى عنكم جمعكم) * أقسم أهل النار أن أهل الأعراف داخلون النار معهم فنادتهم الملائكة * (أهاؤلاء) * ثم نادى أهل الأعراف ادخلوا الجنة، وقيل: الإشارة بهؤلاء إلى أهل الأعراف والقائلون هم أصحاب الأعراف ثم يرجعون إلى مخاطبة أنفسهم فيقول بعضهم لبعض * (ادخلوا الجنة) * قاله الحسن، وقيل: الإشارة إلى المؤمنين الذين كان الكفار يحلفون أنهم لا يدخلون الجنة والقائل إما الله وإما الملائكة، وقيل: المشار بهؤلاء أصحاب الأعراف والقائل مالك خازن النار يأمر الله تعالى، وقال أبو مجلز: أهل الأعراف هم الملائكة وهم القائلون * (أهاؤلاء) * إشارة إلى أهل الجنة، وكذلك مجيء قول من قال أهل الأعراف أنبياء وشهداء، وقرأ الحسن وابن هرمز: أدخلوا من أدخل أي أدخلوا أنفسكم أو يكون خطابا للملائكة ثم خاطب بعد البشر.
وقرأ عكرمة دخلوا إخبارا بفعل ماض، وقرأ طلحة وابن وثاب والنخعي * (أدخلوا) * خيرا مبنيا للمفعول وعلى هاتين القراءتين يكون قوله * (لا خوف عليكم) * على تقدير مقولا لهم لا خوف عليكم، قال الزمخشري: يقال لأهل الأعراف ادخلوا الجنة بعد أن يحبسوا على الأعراف وينظروا إلى الفريقين ويعرفوهم بسيماهم ويقولوا ما يقولون وفائدة ذلك بيان أن الجزاء على قدر الأعمال وأن التقدم والتأخر على حسبها وأن أحدا لا يسبق عند الله تعالى إلا بسبقه من العمل ولا يتخلفه إلا بتخلفه وليرغب السامعون في حال السابقين ويحصروا على إحراز قصبهم وأن كلا يعرف ذلك اليوم بسيماه التي استوجب أن يوسم بها من أهل الخير والشر فيرتدع المسئ عن إساءته ويزيد المحسن في إحسانه وليعلم أن العصاة يوبخهم كل أحد حتى أقصر الناس عملا انتهى، وهو تكثير من باب الخطابة لا طائل تحته وفيه دسيسة الاعتزال، وعن حذيفة أن أهل الأعراف يرغبون في الشفاعة فيأتون آدم فيدفعهم إلى نوح ثم يتدافعهم الأنبياء حتى يأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم) فيشفع لهم فيشفع فيدخلون الجنة فيلقون في نهر الحياة فيبيضون ويسمون مساكين الجنة، قال سالم مولى أبي حذيفة: ليت أني من أهل الأعراف.
* (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على) * وهذا يقتضي سماع كل من الفريقين كلام الآخر وهذا جائز عقلا على بعد المسافة بينهما من العلو والسفل وجائز أن يكون ذلك مع رؤية واطلاع من الله وذلك أخزى وأنكى للكفار، وجائز أن يكون ذلك وبينهم الحجاب والسور، وعن ابن عباس أنه لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنة طمع أهل النار في الفرح بعد اليأس فقالوا: يا رب