تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ١٧٣
كشميط، وبمعنى مفعول كجريح، ومفعل كسميع واليم، وتفعل كوكيد، ومفاعل كجليس، ومفتعل كسعير، ومستفعل كمكين، وفعل كرطيب، وفعل كعجيب، وفعال كصحيح، وبمعنى الفاعل والمفعول كصريح، وبمعنى الواحد والجمع كخليط وجمع فاعل كغريب.
مناسبة اتصال هذه الآية بما قبلها ظاهر، وهو أنه لما ذكر صفة من الكتاب له هدى وهم المتقون الجامعون للأوصاف المؤدية إلى الفور، ذكر صفة ضدهم وهم الكفار المحتوم لهم بالوفاة على الكفر، وافتتح قصتهم بحرف التأكيد ليدل على استئناف الكلام فيهم، ولذلك لم يدخل في قصة المتقين، لأن الحديث إنما جاء فيهم بحكم الانجرار، إذ الحديث إنما هو عن الكتاب ثم أنجز ذكرهم في الإخبار عن الكتاب، وعلى تقدير إعراب الذين يؤمنون، الأول والثاني مبتدأ، فإنما هو في المعنى من تمام صفة المتقين الذين كفروا، يحتمل أن يكون للجنس ملحوظا فيه قيد، وهو أن يقضي عليه بالكفر والوفاة عليه، وأن يكون لمعينين كأبي جهل وأبي لهب وغيرهما. وسواء وما بعده يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون لا موضع له من الإعراب، ويكون جملة اعتراض من مبتدأ وخبر، بجعل سواء المبتدأ والجملة بعده الخبر أو العكس، والخبر قوله: لا يؤمنون، ويكون قد دخلت جملة الاعتراض تأكيدا لمضمون الجملة، لأن من أخبر الله عنه أنه لا يؤمن استوى إنذاره وعدم إنذاره. والوجه الثاني: أن يكون له موضع من الإعراب، وهو أن يكون في موضع خبر إن، فيحتمل لا يؤمنون أن يكون له موضع من الإعراب، إما خبر بعد خبر على مذهب من يجيز تعداد الأخبار، أو خبر مبتدأ محذوف أي هم لا يؤمنون، وجوزوا فيه أن يكون في موضع الحال وهو بعيد، ويحتمل أن يكون لا موضع له من الإعراب فتكون جملة تفسيرية لأن عدم الإيمان هو استواء الإنذار وعدمه، كقوله تعالى: * (وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة) *، أو يكون جملة دعائية وهو بعيد، وإذا كان لقوله تعالى: * (أم لم تنذرهم لا) * موضع من الإعراب فيحتمل أن يكون سواء خبر إن، والجملة في موضع رفع على الفاعلية، وقد اعتمد بكونه خبر الذين، والمعنى إن الذين كفروا مستو إنذارهم وعدمه. وفي كون الجملة تقع فاعلة خلاف مذهب جمهور البصريين أن الفاعل لا يكون إلا اسما أو ما هو في تقديره، ومذهب هشام وثعلب وجماعة من الكوفيين جواز كون الجملة تكون فاعلة، وأجازوا تعجبني يقوم زيد، وظهر لي أقام زيد أم عمرو، وأي قيام أحدهما، ومذهب الفراء وجماعة: أنه إن كانت الجملة معمولة لفعل من أفعل القلوب وعلق عنها، جاز أن تقع في موضع الفاعل أو المفعول الذي لم يسم فاعله وإلا فلا، ونسب هذا لسيبويه. قال
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»