تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ١٧٢
معنى، فعمل فيه ما يخصه، وهو الجزم، وله أحكام ذكرت في النحو.
* (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم) * الختم: الوسم بطابع أو غيره مما يوسم به. القلب: مصدر قلب، والقلب: اللحمة الصنوبرية المعروفة سميت بالمصدر، وكنى به في القرآن وغيره عن العقل، وأطلق أيضا على لب كل شيء وخالصه. السمع: مصدر سمع سمعا وسماعا وكنى به في بعض المواضع عن الأذن. البصر: نور العين، وهو ما تدرك به المرئيات. الغشاوة: الغطاء، غشاه أي غطاه، وتصحح الواو لأن الكلمة بنيت على تاء التأنيث، كما صححوا اشتقاقه، قال أبو علي الفارسي: لم أسمع من الغشاوة فعلا متصرفا بالواو، وإذا لم يوجد ذلك كان معناها معنى ما اللام منه الياء، غشي يغشى بدلالة قولهم: الغشيان والغشاوة من غشي، كالجباوة من جبيت في أن الواو كأنها بدل من الياء إذا لم يصرف منه فعل، كما لم يصرف من الجباوة، انتهى كلامه. العذاب: أصله الاستمرار، ثم اتسع فيه فسمي به كل استمرار ألم، واشتقوا منه فقالوا: عذبته، أي داومت عليه الألم، وقد جعل الناس بينه وبين العذاب: الذي هو الماء الحلو، وبين عذب الفرس: استمر عطشه، قدرا مشتركا وهو الاستمرار، وإن اختلف متعلق الاستمرار. وقال الخليل: أصله المنع، يقال عذب الفرس: امتنع من العلف. عظيم: اسم فاعل من عظم غير مذهوب به مذهب الزمان، وفعيل اسم، وصفة الاسم مفرد نحو: قميص، وجمع نحو: كليب، ومعنى نحو: صهيل، والصفة مفرد فعله كقرى، وفعله كسرى، واسم فاعل من فعل ككريم، وللمبالغة من فاعل كعليم، وبمعنى أفعل
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»