الكتاب المنزل، فلذلك خص بلفظ الإيقان، ولأن المنزل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم) مشاهد أو كالمشاهد، والآخرة غيب صرف، فناسب تعليق اليقين بما كان غيبا صرفا. قالوا: والإيقان هو العلم الحادث سواء كان ضروريا أو استدلاليا، فلذلك لا يوصف به الباري تعالى، ليس من صفاته الموقن وقدم المجرور اعتناء به ولتطابق الأواخر. وإيراد هذه الجملة اسمية وإن كانت الجملة معطوفة على جملة فعلية آكد في الإخبار عن هؤلاء بالإيقان، لأن قولك: ريد فعل آكد من فعل زيد لتكرار الاسم في الكلام بكونه مضمرا، وتصديره مبتدأ بشعر بالاهتمام بالمحكوم عليه، كما أن التقديم للفعل مشعر بالاهتمام بالمحكوم به. وذكر لفظة هم في قوله: * (هم يوقنون) *، ولم يذكر لفظة هم في قوله: * (ومما رزقناهم ينفقون) * لأن وصف إيقانهم بالآخرة أعلى من وصفهم بالإنفاق، فاحتاج هذا إلى التوكيد ولم يحتج ذلك إلى تأكيد، ولأنه لو ذكرهم هناك لكان فيه قلق لفظي، إذ كان يكون ومما رزقناهم هم ينفقون. أولئك: اسم إشارة للجمع يشترك فيه المذكر والمؤنث. والمشهور عند أصحابنا أنه للرتبة القصوى كأولالك، وقال بعضهم هو للرتبة الوسطى، قاسه على ذا حين لم يزيدوا في الوسطى عليه غيرحرف الخطاب، بخلاف أولالك. ويضعف قوله كون هاء التنبيه لا تدخل عليه. وكتبوه بالواو فرقا بينه وبين إليك، وبنى لافتقاره إلى حاضر يشار إليه به، وحرك لالتقاء الساكنين، وبالكسر على أصل التقائهما. الفلاح: الفوز والظفر بإدراك البغية، أو البقاء، قيل: وأصله الشق والقطع:
إن الحديد بالحديد يفلح وفي تشاركه في معنى الشق مشاركة في الفاء والعين نحو: فلي وفلق وفلذ، تقدم في إعراب الذين يؤمنون بالغيب، إن من وجهي رفعه كونه مبتدأ، فعلى هذا يكون أولئك مع ما بعده مبتدأ وخبر في موضع خبر الذين، ويجوز أن يكون بدلا وعطف بيان، ويمتنع الوصف لكونه أعرف. ويكون خبر الذين إذ ذاك قوله: * (على هدى) *، وإن كان رفع الذين على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو كان مجرورا أو منصوبا، كان أولئك مبتدأ خبره * (على هدى) *، وقد تقدم أنا لا نختار الوجه الأول لانفلاته مما قبله والذهاب به مذهب الاستئناف مع وضوح اتصاله بما قبله وتعلقه به، وأي