الألف من بسم هنا في الخط تخفيفا لكثرة الاستعمال فلو كتبت باسم القاهر أو باسم القادر. فقال الكسائي والأخفش: تحذف الألف. وقال الفراء: لا تحذف إلا مع * (بسم الله الرحمن الرحيم) * لأن الاستعمال إنما كثر فيه فأما في غيره من أسماء الله تعالى فلا خلاف في ثبوت الألف.
والرحمن صفة لله عند الجماعة. وذهب الأعلم وغيره إلى أنه بدل وزعم أن الرحمن علم وإن كان مشتقا من الرحمة لكنه ليس بمنزلة الرحيم ولا الراحم بل هو مثل الدبران وإن كان مشتقا من دبر صيغ للعلمية فجاء على بناء لا يكون في النعوت قال: ويدل على علميته ووروده غير تابع لاسم قبله قال تعالى: * (الرحمن على العرش استوى) * * (طه الرحمن * علم القرآن الرحمن) * وإذا ثبتت العلمية امتنع النعت فتعين البدل. قال أبو زيد السهيلي: البدل فيه عندي ممتنع وكذلك عطف بيان لأن الاسم الأول لا يفتقر إلى تبيين لأنه أعرف الأعلام كلها وأبينها ألا تراهم قالوا: وما الرحمن الفرقان ولم يقولوا: وما الله فهو وصف يراد به الثناء وإن كان يجري مجرى الإعلام.
* (الرحمن الرحيم) * قيل دلالتهما واحدة نحو ندمان ونديم وقيل معناهما مختلف فالرحمن أكثر مبالغة وكان القياس الترقي كما تقول: عالم نحرير وشجاع باسل لكن أردف الرحمن الذي يتناول جلائل النعم وأصولها بالرحيم ليكون كالتتمة والرديف ليتناول ما دق منها ولطف واختاره الزمخشري. وقيل الرحيم أكثر مبالغة والذي يظهر أن جهة المبالغة مختلفة فلذلك جمع بينهما فلا يكون من باب التوكيد. فمبالغة فعلان مثل غضبان وسكران من حيث الامتلاء والغلبة ومبالغة فعيل من حيث التكرار والوقوع بمحال الرحمة ولذلك لا يتعدى فعلان ويتعدى فعيل. تقول زيد رحيم المساكين كما تعدى فاعلا قالوا زيد حفيظ علمك وعلم غيرك حكاه ابن سيده عن العرب. ومن رأى أنهما بمعنى واحد ولم يذهب إلى توكيد أحدهما بالآخر احتاج أنه يخص كل واحد بشيء وإن كان أصل الموضوع عنده واحدا ليخرج بذلك عن التأكيد فقال مجاهد: رحمن الدنيا ورحيم الآخرة. وروى ابن مسعود وأبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: الرحمن رحمن الدنيا والرحيم رحيم الآخرة. وإذا صح هذا التفسير وجب المصير إليه. وقال القرطبي: رحمن الآخرة ورحيم الدنيا. وقال الضحاك: لأهل السماء والأرض. وقال عكرمة: برحمة واحدة وبمائة رحمة. وقال المزني: بنعمة الدنيا والدين. وقال العزرمي: الرحمن بجميع خلقه في الأمطار ونعم الحواس والنعم العامة