أربعة القرآن والفرقان والكتاب والذكر وسائر ما يسمى صفات لا أسماء كوصفه بالعظيم والكريم والمتين والعزيز والمجيد وغير ذلك فأما القرآن فأصله مصدر قرأ ثم أطلق على المقروء وأما الفرقان فمصدر أيضا معناه التفرقة بين الحق والباطل وأما الكتاب فمصدر ثم اطلق على المكتوب وأما الذكر فسمي القرآن به لما فيه من ذكر الله أو من التذكير والمواعظ ويجوز في السورة من القرآن الهمز وترك الهمز لغة قريش وأما الآية فأصلها العلامة ثم سميت الجملة من القرآن به لأنها علامة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم الباب الثاني في السورة المكية والمدنية اعلم أن السور المكية هي التي نزلت بمكة ويعد منها كل ما نزل قبل الهجرة وإن نزل بغير مكة كما أن المدنية هي السورة التي نزلت بالمدينة ويعد منها كل ما نزل بعد الهجرة وإن نزل بغير المدينة وتنقسم السور ثلاثة أقسام قسم مدنية باتفاق وهي اثنان وعشرون سورة وهي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال وبراءة والنور والأحزاب والقتال والفتح والحجرات والحديد والمجادلة والحشر والممتحنة والصف والجمعة والمنافقون والتغابن والطلاق والتحريم وإذا جاء نصر الله وقسم فيها خلاف هل هي مكية أو مدنية وهي ثلاثة عشر سورة أم القرآن والرعد والنحل والحج والإنسان والمطففون والقدر ولم يكن وإذا زلزلت وأرأيت والإخلاص والمعوذتين وقسم مكية باتفاق وهي سائر السور وقد وقعت آيات مدنية في سور مكية كما وقعت آيات مكية في سور مدنية وذلك قليل مختلف في أكثره واعلم أن السور المكية نزل أكثرها في إثبات العقائد والرد على المشركين وفي قصص الأنبياء وأن السور المدنية نزل أكثرها في الأحكام الشرعية وفي الرد على اليهود والنصارى وذكر المنافقين والفتوى في مسائل وذكر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وحيث ما ورد يا أيها الذين آمنوا فهو مدني وأما يا أيها الناس فقد وقع في المكي والمدني الباب الثالث في المعاني والعلوم التي تضمنها القرآن ولنتكلم في ذلك على الجملة والتفصيل أما الجملة فاعلم أن المقصود بالقرآن دعوة الخلق إلى عبادة الله وإلى الدخول في دينه ثم إن هذا المقصد يقتضى أمرين لا بد منهما وإليهما ترجع معاني القرآن كله أحدهما بيان العبادة التي دعي الخلق إليها والأخرى ذكر بواعث تبعثهم على الدخول فيها وترددهم إليها فأما العبادة فتنقسم إلى نوعين وهما أصول العقائد وأحكام الأعمال وأما البواعث عليها فأمرين وهما الترغيب والترهيب وأما على التفصيل فاعلم أن معاني القرآن سبعة وهي علم الربوبية والنبوة والمعاد والأحكام والوعد والوعيد والقصص فأما علم الربوبية فمنه إثبات وجود الباري جل جلاله والاستدلال عليه بمخلوقاته فكل ما جاء في القرآن من التنبيه على المخلوقات والاعتبار في خلقة الأرض والسماوات والحيوان والنبات والريح والأمطار والشمس والقمر والليل والنهار وغير ذلك من الموجودات فهو دليل على خالقه ومنه إثبات الوحدانية والرد على المشركين والتعريف بصفات الله من الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر وغير ذلك من أسمائه وصفاته والتنزيه عما لا يليق به وأما النبوة فإثبات نبوة الأنبياء عليهم السلام على العموم ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم على الخصوص وإثبات الكتب التي أنزلها الله عليهم ووجود الملائكة الذين
(٥)