الحمد لله رب العالمين وحجة ابن عباس ثبوت البسملة مع كل سورة في المصحف الثانية إذا ابتدأت أول سورة بسملت إلا براءة وسنذكر علة سقوطها من براءة في موضعه وإذا ابتدأت جزء سورة فأنت مخير بين البسملة وتركها عند أبي عمرو الداني وتترك البسملة عند غيره وإذا أتممت سورة وابتدأت أخرى فاختلف القراء في البسملة وتركها الثالثة لا يبسمل في الصلاة عند مالك ويبسمل عند الشافعي جهرا في الجهر وسرا في السر وعند أبي حنيفة سرا في الجهر والسر فحجة مالك من وجهين أحدهما أنه ليست عنده آية في الفاتحة حسبما ذكرنا والآخر ما ورد في الحديث الصحيح عن أنس أنه قال صليت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول الفاتحة ولا في آخرها وحجة الشافعي من وجهين أحدهما أن البسملة عنده آية من الفاتحة والأخرى ما ورد في الحديث من قراءتها حسبما ذكرنا الرابعة كانوا يكتبون باسمك اللهم حتى نزلت بسم الله مجراها فكتبوا بسم الله حتى نزلت أو ادعوا الرحمن فكتبوا بسم الله الرحمن حتى نزل إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم فكتبوها وحذفت الألف في بسم الله لكثرة الاستعمال الخامسة الباء من بسم الله متعلقة باسم محذوف عند البصريين والتقدير ابتداء كائن بسم الله فموضعها رفع وعند الكوفيين تتعلق بفعل تقديره أبدأ أو أتلو فموضعها نصب وينبغي أن يقدر متأخرا لوجهين أحدهما إفادة الحصر والاختصاص والأخرى تقديم اسم الله اعتناء كما قدم في بسم الله مجراها السادسة الاسم مشتق من السمو عند البصريين فلامه واو محذوفه وعند الكوفيين مشتق من السمة وهي العلامة ففاؤه محذوفة ودليل البصريين التصغير والتكبير لأنهما يردان الكلمات إلى أصولها وقول الكوفيين أظهر في المعنى لأن الاسم علامة على المسمى السابعة قولك الله اسم مرتجل جامد والألف واللام فيه لازمة لا للتعريف وقيل إنه مشتق من التأله وهو التعبد وقيل من الولهان وهي الحيرة لتحير العقول في شأنه وقيل أصله إله من غير الف ولام ثم حذفت الهمزة من أوله على غير قياس ثم أدخلت الألف واللام عليه وقيل أصله الإله بالألف واللام ثم حذفت الهمزة ونقلت حركتها إلى اللام كما نقلت إلا الأرض وشبهه فاجتمع لأمان فأدغمت إحداهما في الأخرى وفخم للتعظيم إلا إذا كان قبله كسرة الثامنة الرحمن الرحيم صفتان من الرحم ومعناهما الإحسان فهي صفة فعل وقيل إرادة الإحسان فهي صفة ذات التاسعة الرحمن الرحيم على ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرحمن في الدنيا والرحيم في الآخرة وقيل الرحمن عام في رحمة المؤمنين والكافرين لقوله * (وكان بالمؤمنين رحيما) * فالرحمن أعم وأبلغ وقيل الرحمن أبلغ لوقوعه بعده على طريقة الارتقاء إلى الأعلى العاشرة إنما قدم الرحمن لوجهين اختصاصه بالله وجريانه مجرى الأسماء التي ليست بصفات انتهى والله أعلم
(٣١)