التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ٣٠
الكلام على الاستعاذة في عشرة فوائد من فنون مختلفة الأولى لفظ التعوذ على خمسة أوجه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وهو المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم والمختار عند القراء وأعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي وأعوذ بالله المجيد من الشيطان المريد وهي محدثة وأعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وهو مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم الثانية يؤمر القارئ بالاستعاذة قبل القراءة سواء ابتدأ أول سورة أو جزء سورة على الندب الثالثة يجهر بالاستعاذة عند الجمهور وهو المختار وروى الإخفاء عن حمزة ونافع الرابعة لا يتعوذ في الصلاة عند مالك ويتعوذ في أول ركعة عند الشافعي وأبي حنيفة وفي كل ركعة عند قوم فحجة مالك عمل أهل المدينة وحجة قول غيره قول الله تعالى * (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) * وذلك يعم الصلاة وغيرها الخامسة إنما جاء أعوذ بالمضارع دون الماضي لأن معنى الاستعاذة لا يتعلق إلا بالمستقبل لأنها كالدعاء وإنما جاء بهمزة المتكلم وحده مشاكلة للأمر به في قوله * (فاستعذ) * السادسة الشيطان يحتمل أن يراد به الجنس فتكون الاستعاذة من جميع الشياطين أو العهد فتكون الاستعاذة من إبليس وهو من شطن إذا بعد فالنون أصلية والياء زائدة وزنه فيعال وقيل من شاط إذا هاج فالنون زائدة والياء أصلية ووزنه فعلان وإن سميت به لم ينصرف على الثاني لزيادة الألف والنون وانصرف على الأول السابعة الرجيم فعيل بمعنى مفعول ويحتمل معنيين أن يكون بمعنى لعين وطريد وهذا يناسب إبليس لقوله * (وجعلناها رجوما للشياطين) * والأول أظهر الثامنة من استعاذ بالله صادقا أعاذه فعليك بالصدق ألا ترى امرأة عمران لما أعاذت مريم وذريتها عصمها الله ففي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من مولود إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا إلا ابن مريم وأمه التاسعة الشيطان عدو وحذر الله منه إذ لا مطمع في زوال علة عداوته وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم فيأمره أولا بالكفر ويشككه في الإيمان فإن قدر عليه وإلا أمره بالمعاصي فإن أطأعه وإلا ثبطه عن الطاعة فإن سلم من ذلك أفسدها عليه بالرياء والعجب العاشرة القواطع عن الله أربعة الشيطان والنفس والدنيا والخلق فعلاج الشيطان الاستعاذة والمخالفة له وعلاج النفس بالقهر وعلاج الدنيا بالزهد وعلاج الخلق بالانقباض والعزلة الكلام على البسملة فيه عشر فوائد الأولى ليست البسملة عند مالك آية من الفاتحة ولا من غيرها إلا في النمل خاصة وهي عند الشافعي آية من الفاتحة وعند ابن عباس آية من أول كل سورة فحجة مالك ما ورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنزلت علي سورة ليس في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها ثم قال الحمد لله رب العالمين فبدأ بها دون البسملة وما ورد في الحديث الصحيح إن الله يقول قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين يقول العبد الحمد لله رب العالمين فبدأ بها دون البسملة وحجة الشافعي ما ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»