تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٥ - الصفحة ١٩
وزف يزف إذا أسرع ويزفون من زفاه إذا حداه كأن بعضهم يزفو بعضا لتسارعهم إليه * (قال أتعبدون ما تنحتون) * ما تنحتونه من الأصنام * (والله خلقكم وما تعملون) * أي وما تعملونه فإن جوهرها بخلقه وشكلها وإن كان بفعلهم ولذلك جعل من أعمالهم فبإقداره إياهم عليه وخلقه ما يتوقف عليه فعلهم من الدواعي والعدد أو عملكم بمعنى معمولكم ليطابق ما تنحتون أو إنه بمعنى الحدث فإن فعلهم إذا كان بخلق الله تعالى فيهم كان مفعولهم المتوقف على فعلهم أولى بذلك وبهذا المعنى تمسك أصحابنا على خلق الأعمال ولهم أن يرجحوه على الأولين لما فيها من حذف أو مجاز * (قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم) * في النار الشديدة من الجحمة وهي شدة التأجج واللام بدل الإضافة أي جحيم ذلك البنيان * (فأرادوا به كيدا) * فإنه لما قهرهم بالحجة قصدوا تعذيبه بذلك لئلا يظهر للعامة عجزهم * (فجعلناهم الأسفلين) * الأذلين بإبطال كيدهم وجعله برهانا نيرا على علو شأنه حيث جعل النار عليه بردا وسلاما * (وقال إني ذاهب إلى ربي) * إلى حيث أمرني ربي وهو الشام أو حيث أتجرد فيه لعبادته * (سيهدين) * إلى ما فيه صلاح ديني أو إلى مقصدي وإنما بت القول لسبق وعده أو لفرط توكله أو البناء على عادته معه ولم يكن كذلك حال موسى عليه الصلاة والسلام حين * (قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) * فلذلك ذكر بصيغة التوقع
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»