قوله تعالى: وإلى ثمود أخاهم صلحا قال يقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم (73) وهو ثمود بن عاد بن إرم بن سام بن نوح. وهو أخو جديس، وكانوا في سعة من معايشهم، فخالفوا أمر الله وعبدوا غيره، وأفسدوا في الأرض. فبعث الله إليهم صالحا نبيا، وهو صالح بن عبيد بن آسف بن كاشح بن عبيد بن حاذر بن ثمود. وكانوا قوما عربا. وكان صالح من أوسطهم نسبا وأفضلهم حسبا فدعاهم إلى الله تعالى حتى شمط (1) ولا يتبعه. منهم إلا قليل مستضعفون. ولم ينصرف " ثمود " لأنه جعل اسما للقبيلة. وقال أبو حاتم:
لم ينصرف، لأنه اسم أعجمي. قال النحاس: وهذا غلط، لأنه مشتق من الثمد وهو الماء القليل. وقد قرأ القراء " ألا إن ثمود كفروا ربهم (2) " على أنه اسم للحي. وكانت مساكن ثمود الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وهم من ولد سام بن نوح. وسميت ثمود لقلة مائها. وسيأتي بيانه في " الحجر (3) " إن شاء الله تعالى.
(هذه ناقة الله لكم آية) أخرج لهم الناقة حين سألوه من حجر صلد، فكان لها يوم تشرب فيه ماء الوادي كله، وتسقيهم مثله لبنا لم يشرب قط ألذ وأحلى منه. وكان بقدر حاجتهم على كرتهم، قال الله تعالى: " لها شرب ولكم شرب يوم معلوم (4) ". وأضيفت الناقة إلى الله عز وجل على جهة إضافة الخلق إلى الخالق. وفيه معنى التشريف والتخصيص.
(فذروها تأكل في أرض الله) أي ليس عليكم رزقها ومؤونتها.