تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٣١
مسلم من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم (ثم يرسل الله - أو قال ينزل الله - مطرا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس ثم يقال يا أيها الناس هلموا إلى ربكم وقفوهم إنهم مسؤولون). وذكر الحديث. وقد ذكرناه بكماله في كتاب (التذكرة) والحمد لله. فدل على البعث والنشور، وإلى الله ترجع الأمور.
قوله تعالى: والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون (58) قوله تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا) أي التربة الطيبة. والخبيث الذي في تربته حجارة أو شوك، عن الحسن. وقيل: معناه التشبيه، شبه تعالى السريع الفهم بالبلد الطيب، والبليد بالذي خبث، عن النحاس.
وقيل: هذا مثل للقلوب، فقلب يقبل الوعظ والذكرى، وقلب فاسق ينبو عن ذلك، قال الحسن أيضا. وقال قتادة: مثل للمؤمن يعمل محتسبا متطوعا، والمنافق غير محتسب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين (1) حسنتين لشهد العشاء). " نكدا " نصب على الحال، وهو العسر الممتنع من إعطاء الخير. وهذا تمثيل. قال مجاهد: يعني أن في بني آدم الطيب والخبيث. وقرأ طلحة " إلا نكدا " حذف الكسرة لثقلها. وقرأ ابن القعقاع " نكدا " بفتح الكاف، فهو مصدر بمعنى ذا نكد. كما قال:
فإنما هي إقبال وإدبار (2) وقيل: " نكدا " بنصب الكاف وخفضها بمعنى، كالدنف والدنف، لغتان. (كذلك نصرف الآيات) أي كما صرفنا من الآيات، وهي الحجج والدلالات، في إبطال الشرك، كذلك نصرف الآيات في كل ما يحتاج إليه الناس. (لقوم يشكرون) وخص الشاكرين لأنهم المنتفعون بذلك.

(1) المرماة (بكسر الميم وفتحها): ظلف الشاه. وقيل: ما بين ظلفها.
(2) البيت للخنساء. وصدره: ترقع ما رتعت حتى إذا أدركت. الخزانة ج 1 ص 207.
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»