واختلفوا في أكل الخيل، فأباحها الشافعي، وهو الصحيح، وكرهها مالك. وأما البغل فهو متولد من بين الحمار والفرس، وأحدهما مأكول أو مكروه وهو الفرس، والآخر محرم وهو الحمار، فغلب حكم التحريم، لأن التحليل والتحريم إذا اجتمعا في عين واحدة غلب حكم التحريم. وسيأتي بيان هذه المسألة في " النحل (1) " إن شاء الله بأوعب من هذا. وسيأتي حكم الجراد في " الأعراف (2) ". والجمهور من الخلف والسلف على جواز أكل الأرنب.
وقد حكي عن عبد الله بن عمرو بن العاص تحريمه. وعن ابن أبي ليلى كراهته. قال عبد الله بن عمرو: جئ بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها. وزعم أنها تحيض. ذكره أبو داود. وروى النسائي مرسلا عن موسى بن طلحة قال: أتي النبي بأرنب قد شواها رجل وقال: يا رسول الله، إني رأيت بها دما، فتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأكلها، وقال لمن عنده: (كلوا فإني لو اشتهيتها أكلتها).
قلت: وليس في هذا ما يدل على تحريمه، وإنما هو نحو من قول عليه السلام: (إنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه). وقد روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال:
مررنا بمر الظهران فاستنفجنا (3) أرنبا فسعوا عليه فلغبوا (4). قال: فسعيت حتى أدركتها، فأتيت بها أبا طلحة فذبحها، فبعث بوركها وفخذها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله.
الرابعة - قوله تعالى: على طاعم يطعمه أي أكل يأكله. وروي عن ابن عامر أنه قرأ " أوحى " بفتح الهمزة. وقرأ علي بن أبي طالب " يطعمه " مثقل الطاء، أراد يتطعمه فأدغم. وقرأت عائشة ومحمد ابن الحنفية " على طاعم طعمه " بفعل ماض إلا أن يكون ميتة قرئ بالياء والتاء، أي إلا أن تكون العين أو الجثة أو النفس ميتة. وقرئ " يكون " بالياء " ميتة " بالرفع بمعنى تقع وتحدث ميتة. والمسفوح: الجاري الذي يسيل