تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٤١٠
* (إن علينا للهدى) * بالإرشاد إلينا بنور العقل والحس والجمع بين الأدلة العقلية والسمعية والتمكين على الاستدلال والاستبصار.
* (وإن لنا للآخرة والأولى) * أي: نعطيهما من توجه إلينا فلا نحرم التارك المجرد عن ثواب الدنيا مع ثواب الآخرة فإن من آثر الأشرف يكون الأخس تحت قدمه بالضرورة كقوله: * (لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) * [المائدة، الآية: 66].
* (فأنذرتكم نارا تلظى) * أي: نارا عظيمة يبلغ لظاها جميع مراتب الوجود وهي النار الكبرى الشاملة للحجاب والقهر والسخط والتعذيب بالآثار، ولهذا قال: * (لا يصلاها إلى الأشقى) * العديم الاستعداد، الخبيث الجوهر، المشرك بالله في المواقف الأربعة.
* (الذي كذب) * بالله لشركه * (وتولى) * وأعرض عن الدين لعناده * (وسيجنبها) * الأتقى) * أي: يتحاماها ويبعد عنها في جميع مراتبها * (الذي) * اتقى ما عدا الله من ذاته وصفاته وأفعاله وكل شيء من الأغيار والآثار بالاستغراق في عين الجمع وهو الأتقى المطلق الذي لم يقف مع غير الله فيوقف على الله ويعذب ببعض النيران. وأما التقي فقد لا يجنب جميع مراتبها كالمتجرد من الهيئات والأفعال، الواقف مع الصفات فإنه وإن كان مغفورا ذنوبه فقد حرم عن روح الذات ولذة المقربين في حجاب وجوده.
* (الذي يؤتي ماله يتزكى) * الذي يعطيه في حالة كونه متطهرا عن لوث محبة الأنداد وتعلق الأغيار والالتفات إلى ما سوى الله والاشتغال به مزكيا نفسه عن الشرك الخفي.
تفسير سورة الليل من [آية 19 - 21] * (وما لأحد عنده من نعمة تجزى) * أي: لا يؤتيه للمكافأة والمعارضة * (إلا ابتغاء وجه ربه) * باجتناب ما عداه ولكونه على أعلى مراتب التقوى لأن الله تعالى بحسب كل اسم له وجه يتجلى به لمن يدعوه بلسان حاله بذلك الاسم ويعبده باستعداده والوجه الأعلى هو الذي له بحسب اسم الأعلى الشامل لجميع الأسماء وإن جعلته وصفا لربه، فالرب هو ذلك الاسم.
* (ولسوف يرضى) * بالوصول إليه في عين الجمع والشهود الذاتي ثم مشاهدة ذلك الوجه في مقام التفصيل حال البقاء بعد الفناء لاستدعاء الرضا وجوده مع الوصف، والله تعالى أعلم.
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 ... » »»