تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٨٩
في طاعته لتستعدوا لقبول فيضه يرضى الشكر لكم بتجلي الصفات لتتصفوا بها فتبلغوا مقام الرضا وتدخلوا الجنة، فما تبعة الكفر إلا عليكم ولا ثمرة الشكر إلا لكم، أهذا الكافر المحجوب أفضل.
* (أمن هو قانت) * مطيع في مقام النفس وأوقات ظلمة صفاتها * (ساجدا) * بفناء الأفعال والصفات، قائما بالطاعة والانقياد، عند ظهور النفس بصفاتها وأفعالها * (يحذر) * عقاب الآخرة ويرجو الرحمة، إذ السالك في مقام النفس لا يخلو عن الخوف والرجاء * (قل هي يستوي) * أي: لا يستويان، وإنما ترك المضمر إلى الظاهر ليبين أن المطيع في مقام النفس هو العالم والكافر هو الجاهل. أما الأول فإن العلم هو الذي رسخ في القلب وتأصل بعروقه في النفس بحيث لا يمكن صاحبه مخالفته بل سيط باللحم والدم فظهر أثره في الأعضاء لا ينفك شيء منها عن مقتضاه، وأما المرتسم في حيز العقل والتخيل بحيث يمكن ذهول النفس عنه وعن مقتضاه فليس بعلم إنما هو أمر تصوري وتخيل عارضي لا يلبث بل يزول سريعا، لا يغذو القلب ولا يسمن ولا يغني من جوع.
وأما الثاني فظاهر، إذ لو علم لم يحجب بالغير عن الحق * (إنما يتذكر) * ويتعظ بهذا الذكر * (أولو) * العقول الصافية عن قشر التخيل والوهم لتحققها بالعلم الراسخ الذي يتأثر به الظاهر. وأما المشوبة بالوهم فلا تتذكر ولا تتحقق بهذا العلم ولا تعيه، بل تتلجلج فيه فيذهب.
تفسير سورة الزمر من [آية 10 - 16] * (قل يا عباد) * المخصوصين في من أهل العناية * (الذين آمنوا) * الإيمان العملي * (اتقوا ربكم) * بمحو صفاتكم * (للذين أحسنوا) * أي: اتصفوا بالصفات الإلهية فعبدوه على المشاهدة * (في هذه الدنيا حسنة) * لا يكتنه كنهها في الآخرة وهي شهود الوجه الباقي وجماله الكريم.
* (وأرض الله) * أي: النفس المطمئنة المخصوصة بالله لانقيادها له وقبولها لنوره واطمئنانها إليه، ذات سعة بيقينها لا تتقيد بشيء ولا تلبث في ضيق من عادة ومألوف وأمر غير الحق * (إنما يوفى الصابرون) * الذين صبروا مع الله في فناء صفاتهم وأفعالهم
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»