وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم) * وخصوصا الخمسة المذكورة لاختصاصهم بمزيد المرتبة والفضيلة ميثاق التوحيد والتكميل والهداية بالتبليغ عند الفطرة وهو الميثاق الغليظ المضاعف بالكمال والتكميل ولذلك أضافه إليهم بقوله: ميثاقهم، أي: الميثاق الذي ينبغي لهم ويختص بهم، وقدم في الاختصاص بالذكر نبينا عليه السلام بقوله منك، لتقدمه على الباقين في الرتبة والشرف * (ليسأل) * الله بسبب عهدهم وميثاقهم وبواسطة هدايتهم * (الصادقين) * الذين صدقوا العهد الأول والميثاق الفطري في قوله: * (ألست بربكم قالوا بلى) * [الأعراف، الآية: 172]، * (عن صدقهم) * بالوفاء والوصول إلى الحق بإخراج ما في استعدادهم من الكمال بحضور الأنبياء كما قال تعالى: * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه) * [الأحزاب، الآية: 23] فالسؤال إنما كان مسببا عن ميثاق الأنبياء لأنه يسألهم على ألسنتهم وهم الشاهدون لهم آخرا كما كانوا شاهدين عليهم أولا.
تفسير سورة الأحزاب من [آية 21 - 22] * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * وجب على كل مؤمن متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلقا حتى يتحقق رجاؤه ويتم عمله لكونه الواسطة في وصولهم والوسيلة في سلوكهم للرابطة النفيسة بينه وبينهم بحكم الجنسية. وذكر الرجاء اللازم للإيمان بالغيب في مقام النفس وقرن به الذكر الكثير الذي هو عمل ذلك المقام ليعلم أن من كان في بدايته يلزمه متابعته في الأعمال والأخلاق والمجاهدة والمواساة بالنفس والمال، إذ لو لم يحكم البداية لم يفلح بالنهاية. ثم إذا تجرد وتزكى عن صفات نفسه فليتابعه في موارد القلب، أي: الصدق والإخلاص، والتسليم والتوكل، كما تابعه في منازل النفس ليحتظي ببكرة متابعته بالمواهب والأحوال وتجليات الصفات في مقامه كما احتظى بالمكاسب والمقامات وتجليات الأفعال في مقام النفس، وكذا في مقام السر والروح حتى الفناء. ومن صحة المتابعة تصديقه في كل ما أخبر به بحيث لا يعتوره الشك في شيء من أخباره وإلا فترت العزيمة وبطلت المتابعة، فإن الأصل والعمدة في العمل الاعتقاد الجازم، ولهذا مدحهم بقوله: * (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله) * إذ وعدهم الابتلاء والزلزال حتى ينخلعوا عن أبدانهم ويتجردوا في التوجه إليه عن نفوسهم في قوله: * (ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله) * [البقرة، الآية: 214] * (وما زادهم) * أي: وقوع البلاء بالأحزاب * (إلا إيمانا وتسليما) * لقوة اعتقادهم في