الكليات والجزئيات فيه بالفعل وقت الكمال وهو حال بلوغ الأشد واستخراج ذلك الكنز. وقال بعض أهل الظاهر من المفسرين: كان الكنز صحفا فيها علم * (وكان أبوهما) * على كلا التأويلين * (صالحا) * وقيل: كان أبا أعلى لهما حفظهما الله له، فعلى هذا لا يكون إلا روح القدس.
قصة ذي القرنين مشهورة وكان روميا قريب العهد والتطبيق، إن ذا القرنين في هذا الوجود هو القلب الذي ملك قرنيه، أي: خافقيه شرقها وغربها * (إنا مكنا له) * في أرض البدن بالإقدار والتمكين على جمع الأموال من المعاني الكلية والجزئية والسير إلى أي قطر شاء من المشرق والمغرب. * (وآتيناه من كل شيء) * أراده من الكمالات * (سببا) * أي: طريقا يتوصل به إليه * (فاتبع) * طريقا بالتعلق البدني والتوجه إلى العالم السفلي. * (حتى إذا بلغ مغرب الشمس) * أي: مكان غروب شمس الروح * (وجدها تغرب في عين حمئة) * أي: مختلطة بالحمأة، وهي المادة البدنية الممتزجة من الأجسام الغاسقة كقوله: * (من نطفة أمشاج) * [الإنسان، الآية: 2]. * (ووجد عندها قوما) * هم القوى النفسانية البدنية والروحانية * (قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب) * بالرياضة والقهر والإماتة * (وإما أن تتخذ فيهم حسنا) * بالتعديل وإيفاء الحظ.
* (قال أما من ظلم) * بالإفراط وعدم الاستسلام والانقياد كالشهوة والغضب والوهم والتخيل * (فسوف نعذبه) * بالرياضة * (ثم يرد إلى ربه) * في القيامة الصغرى * (فيعذبه) * بالإلقاء في نار الطبيعة * (عذابا نكرا) * أي: منكرا أشد من عذابي، أو في القيامة الكبرى فيعذبه عذاب القهر والإفناء.
[تفسير سورة الكهف من آية 88 إلى آية 94] * (وأما من آمن) * بالعلم والمعرفة كالعاقلتين والفكر والحواس الظاهرة * (وعمل صالحا) * بالسعي في اكتساب الفضائل والانقياد والطاعة * (فله جزاء) * المثوبة * (الحسنى) * من جنة الصفات وتجليات أنوارها وأنهار علومها * (وسنقول له من أمرنا يسرا) * أي: قولا ذا يسر بحصول الملكات الفاضلة.
* (ثم أتبع) * طريقا هي طريق الترقي والسلوك إلى الله بالتجرد والتزكي * (حتى إذا بلغ مطلع الشمس) * أي: مطلع شمس الروح * (وجدها تطلع على قوم) * هم العاقلتان والفكر والحدس والقوة القدسية * (لم نجعل لهم من دونها سترا) * أي: حجابا لتنورهم بنورها وإدراكهم المعاني الكلية * (كذلك) * أي: أمره كما وصفنا * (وقد أحطنا بما