المسألة الثانية عشرة: قال الشافعي في القول الجديد تجب القراءة على المقتدى؛ سواء أسر الإمام بالقراءة أو جهر بها، وقال في القديم: تجب القراءة إذا أسر الإمام، ولا تجب إذا جهر وهو قول مالك وابن المبارك وقال أبو حنيفة تكره القراءة خلف الإمام بكل حال، ولنا وجوه: - الحجة الأولى: قوله تعالى: * (فاقرؤا ما تيسر من القرآن) * (المزمل: 20) وهذا الأمر يتناول المنفرد والمأموم.
الحجة الثانية: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصلاة فيجب علينا ذلك لقوله تعالى: * (فاتبعوه) * إلا أن يقال: إن كونه مأموما يمنع منه إلا أنه معارضة.
الحجة الثالثة: أنا بينا أن قوله تعالى: * (وأقيموا الصلاة) * أمر بمجموع الأفعال التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلها، ومن جملة تلك الأفعال قراءة الفاتحة، فكان قوله: * (أقيموا الصلاة) * يدخل فيه الأمر بقراءة الفاتحة.
الحجة الرابعة: قوله عليه السلام: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " وقد ثبت تقرير وجه الدليل.
فإن قالوا: هذا الخبر مخصوص بحال الانفراد لأنه روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل، إلا أن يكون وراء الإمام، قلنا: هذا الحديث طعنوا فيه.
الحجة الخامسة: قوله عليه الصلاة والسلام للأعرابي الذي علمه أعمال الصلاة: " ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن " وهذا يتناول المنفرد والمأموم.
الحجة السادسة: روى أبو عيسى الترمذي في " جامعة " بإسناده عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال: قرأ النبي عليه الصلاة والسلام في الصبح فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: " مالي أراكم تقرؤن خلف إمامكم "، قلنا: أي والله، قال: " لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها "، قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن.
الحجة السابعة: روى مالك في " الموطأ ع " ن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تام، قال: فقلت يا أبا هريرة، إني أكون أحيانا خلف الإمام، قال: إقرأ بها يا فارسي في نفسك، والاستدلال بهذا الخبر من وجهين: الأول: