العقول وجب أن يكون معتبرا في الشرع لقوله عليه الصلاة والسلام: " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وإذا ثبت وجوب القراءة ثبت أيضا أنها آية من الفاتحة، لأنه لا قائل بالفرق.
الحجة الخامسة عشرة: أن بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أنه من القرآن في سورة النمل ثم إنا نراه مكررا بخط القرآن، فوجب أن يكون من القرآن كما أنا لما رأينا قوله (الرحمن: 13) تعالى: * (فبأي آلاء ربكما تكذبان) * وقوله تعالى: * (ويل يومئذ للمكذبين) * مكررا في القرآن بخط واحد وصورة واحدة، قلنا: إن الكل من القرآن.
الحجة السادسة عشرة: روى أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتب في أول الأمر على رسم قريش " باسمك اللهم " حتى نزل قوله تعالى: * (اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها) * (هود: 41) فكتب " بسم الله " فنزل قوله: * (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) * (الإسراء: 11) فكتب " بسم الله الرحمن " فلما نزل قوله تعالى * (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) * (النحل: 30) كتب مثلها، وجه الاستدلال أن أجزاء هذه الكلمة كلها من القرآن، ومجموعها من القرآن، ثم إنه ثبت في القرآن فوجب الجزم بأنه من القرآن، إذ لو جاز إخراجه من القرآن مع هذه الموجبات الكثيرة ومع الشهرة لجاز إخراج سائر الآيات كذلك، وذلك يوجب الطعن في القرآن.
الحجة السابعة عشرة: قد بينا أنه ثبت بالتواتر أن الله تعالى كان ينزل هذه الكلمة على محمد عليه الصلاة والسلام وكان يأمر بكتبه بخط المصحف، وبينا أن حاصل الخلاف في أنه هل هو من القرآن فرجع إلى أحكام مخصوصة مثل أنه هل يجب قراءته، وهل يجوز للجنب قراءته، وللمحدث مسه؟ فنقول: ثبوت هذه الأحكام أحوط فوجب المصير إليه، لقوله عليه الصلاة والسلام: دع ما يريبك إلا ما لا يريبك.
واحتج المخالف بأشياء: الأول: تعلقوا بخبر أبي هريرة، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله تعالى حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم يقول الله تعالى أثنى على عبدي وإذا قال مالك يوم الدين يقول الله تعالى مجدني عبدي، وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين يقول الله تعالى هذا بيني وبين عبدي والاستدلال بهذا الخبر من وجهين: الأول: أنه عليه الصلاة والسلام لم يذكر التسمية، ولو كانت آية من الفاتحة لذكرها، والثاني: أنه تعالى قال: جعلت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، والمراد من الصلاة الفاتحة؛ وهذا التنصيف إنما يحصل إذا قلنا إن التسمية