المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٤٣٥
قوله عز وجل سورة النازعات 37 - 46 * (طغي) * معناه تجاوز الحدود التي ينبغي للإنسان ان يقف عندها بان كفر وآثر الحياة الدنيا على الآخرة لتكذيبه بالآخرة و * (المأوى) * والمسكن حيث يأوي المرء ويلازم و * (مقام ربه) * هو القيامة وانما المراد مقامه بين يدي ربه فأضاف المقام إلى الله عز وجل من حيث بين يديه وفي ذلك تفخيم للمقام وتعظيم لهوله وموقعه في النفوس قال ابن عباس المعنى خافه عند المعصية فانتهى عنها و * (الهوى) * هو شهوات النفس وما جرى مجراها وأكثر استعمالها إنما هو في غير المحمود قال سهل التستري لا يسلم من الهوى الا الأنبياء وبعض الصديقين وقال بعض الحكماء إذا أردت الصواب فانظر هواك فخالفه وقال الفضيل أفضل الأعمال خلاف الهوى وقوله تعالى * (يسألونك عن الساعة) * الآية نزلت بسبب ان قريشا كانت تلح في البعث عن وقت الساعة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم بها ويتوعدهم بها ويكثر من ذلك و * (أيان مرساها) * معناه متى ثبوتها ووقت رسوها أي ثبوتها كأنه يسر إلى غاية ما ثم يقف كما تفعل السفينة التي ترسو وقرا أبو عبد الرحمن السلمي (إيان) بكسر الألف ثم قال لنبيه عليه السلام على جهة التوقيف * (فيم أنت من ذكراها) * أي من ذكر تحديدها ووقتها أي لست من ذلك في شيء * (إنما أنت منذر) * وقالت عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يسال عن الساعة كثيرا فلما نزلت هذه الآية انتهى وقرا أبو جعفر وعمر بن عبد العزيز وأبو عمرو بخلاف وابن محيصن والأعرج وطلحة وعيسى (منذر) بتنوين الراء وقرا جمهور القراء (منذر) بإضافة (منذر) إلى " من " ثم قرب تعالى امر الساعة بإخباره ان الإنسان عند رؤيته إياها لم يلبث الا عشية يوم أو بكرته فأضاف الضحى إلى العشية من حيث هما طرفان للنهار وقد بدأ بذكر أحدهما فأضاف الآخر اليه تجوزا وإيجازا نجز تفسير * (النازعات) * والحمد لله كثيرا
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»