المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٣٣١
الآية مرة إلى مفعولين ومرة إلى مفعول واحد لأن ذلك يجوز في أنبأ ونبأ إذا كان دخولها على غير الابتداء والخبر فمتى دخلت على الجملة تعدت إلى ثلاثة مفاعيل ولا يجوز الاقتصار وقوله تعالى * (وأظهره الله عليه) * أي اطلعه وقرا الكسائي وحده وأبو عبد الرحمن وطلحة وأبو عمرو بخلاف والحسن وقتادة (عرف) بتخفيف الراء وقرا الباقون وجمهور الناس (عرف) بشدها والمعنى في اللفظة مع التخفيف جازى بالعتب واللوم كما تقول لإنسان يؤذيك قد عرفت لك هذا ولأعرفن لك هذا بمعنى لأجازينك عليه ونحوه في المعنى قوله تعالى * (أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم) * النساء 63 فعلم الله زعيم بمجازاتهم وكذلك معرفة النبي صلى الله عليه وسلم والمعنى مع الشد في الراء علم به وأنب عليه وقوله تعالى * (وأعرض عن بعض) * أي تكرما وحياء وحسن عشرة قال الحسن ما استقصى كريم قط وروي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حينئذ حفصة ثم إن الله تعالى أمره بمراجعتها وروي انه عاتبها ولم يطلقها فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بالخبر وانها أفشته إلى عائشة ظنت ان عائشة فضحتها فقالت من أنبأك هذا على جهة التثبت فلما أخبرها ان الله تعالى أخبره سكتت وسلمت قوله عز وجل سورة التحريم 4 - 5 المخاطبة بقوله تعالى * (إن تتوبا) * هي لحفصة وعائشة وفي حديث البخاري وغيره عن ابن عباس قال قلت لعمر بن الخطاب من اللتان تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حفصة وعائشة وقوله تعالى * (صغت قلوبكما) * معناه مالت اي عن المعدلة والصواب والصغا الميل ومنه صياغة الرجل وهم حواشيه الذين يميلون اليه ومنه أصغى اليه بسمعه وأصغى الإناء وفي قراءة عبد الله بن مسعود (فقد زاغت قلوبكما) والزيع الميل وعرفه في خلاف الحق قال مجاهد كما نرى صغت شيئا هينا حتى سمعنا قراءة ابن مسعود (زاغت) وجمع القلوب من حيث الانسان جمع ومن حيث لا لبس في اللفظ وهذا نظير قول الشاعر حطام المجاشعي (ظهراهما مثل ظهور الترسين *) الرجز ومعنى الآية ان تبتما فقد كان منكما ما ينبغي ان يتاب منه وهذا الجواب الذي للشرط هو متقدم في المعنى وإنما ترتب جوابا في اللفظ * (وإن تظاهرا) * معناه تتعاونا وقرا جمهور الناس والسبعة (تظاهرا) وأصله تتظاهرا فأدغمت التاء في الظاء بعد البدل وقرا عكرمة مولى ابن عباس (إن تتظاهرا) بتاءين على الأصل وقرا نافع بخلاف عنه وعاصم وطلحة وأبو رجاء والحسن (تظهرا) بتخفيف الظاء على
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»