المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٣٢
(يبعن الدهان الحمر كل عشية * بموسم بدر أو بسوق عكاظ) الطويل وقوله تعالى * (لا يسأل عن ذنبه) * نفي للسؤال وفي القرآن آيات تقتضي ان في القيامة سؤالا وآيات تقتضي نفيه كهذه وغيرها فقال بعض الناس ذلك في مواطن دون مواطن وهو قول قتادة وعكرمة وقال ابن عباس وهو الأظهر في ذلك ان السؤال متى أثبت فهو بمعنى التوبيخ والتقرير ومتى نفي فهو بمعنى الاستخبار المحض والاستعلام لأن الله تعالى عليم بكل شيء وقال الحسن ومجاهد لا يسأل الملائكة عنهم لأنهم يعرفونهم بالسيما والسيما التي يعرف بها * (المجرمون) * هي سواد الوجوه وزرق العيون في الكفرة قاله الحسن ويحتمل ان يكون غير هذا من التشويهات واختلف المتأولون في قوله تعالى * (فيؤخذ بالنواصي والأقدام) * فقال ابن عباس يؤخذ كل كافر بناصيته وقدميه فيطوى ويجمع كالحطب ويلقى كذلك في النار وقال النقاش روي أن هذا الطي على ناحية الصلب قعسا وقاله الضحاك وقال آخرون بل على ناحية الوجه قالوا فهذا معنى * (فيؤخذ بالنواصي والأقدام) * وقال قوم في كتاب الثعلبي إنما يسحب الكفرة سحبا فبعضهم يجر بقدميه وبعضهم بناصيته فأخبر في هذه الآية ان الأخذ يكون * (بالنواصي) * ويكون ب * (الأقدام) * وقوله * (هذه جهنم) * قبله محذوف تقديره يقال لهم على جهة التقريع والتوبيخ وفي مصحف ابن مسعود (هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليانها لا تموتان فيها ولا تحييان) وقرا جمهور الناس (يطوفون) بفتح الياء وضم الطاء وسكون الواو وقرا طلحة بن مصرف (يطوفون) بضم الياء وفتح الطاء وشد الواو وقرا أبو عبد الرحمن (يطافون) وهي قراءة علي بن أبي طالب والمعنى في هذا كله انهم يترددون بين نار جهنم وجمرها * (وبين حميم) * وهو ما غلي في جهنم من مائع عذابها والحميم الماء السخن وقال قتادة إن العذاب الذي هو الحميم يغلي منذ خلق الله جهنم وأني الشيء حضر وأنى اللحم أو ما يطبخ أو يغلى نضج وتناهى حره والمراد منه ويحتمل قوله * (أن) * ان يكون من هذا ومن هذا وكونه من الثاني أبين ومنه قوله تعالى " وغير ناظرين إناه " الأحزاب 53 ومن المعنى الآخر قول الشاعر عمرو بن حسان الشيباني (أنى ولكل حاملة تمام *) الوافر ويشبه ان يكون الأمر في المعنيين قريبا بعضه من بعض والأول أعم من الثاني
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»