المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ١٣٢
قوله عز وجل سورة الفتح 16 أمر الله نبيه عليه السلام بالتقدمة إلى هؤلاء المخلفين بأنهم سيؤمرون بقتال عدو بئيس وهذا يدل على أنهم كانوا يظهرون الإسلام وإلا فلم يكونوا اهلا لهذا الأمر واختلف الناس من القوم المشاراليهم في قوله * (إلى قوم أولي بأس شديد) * فقال عكرمة وابن جبير وقتادة هم هوازن ومن حارب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين قال القاضي أبو محمد ويندرج في هذا القول عندي من حورب وغلب في فتح مكة وقال كعب هم الروم الذين خرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك والذين بعث إليهم في غزوة مؤتة وقال الزهري والكلبي هم أهل الردة وبنو حنيفة باليمامة وقال منذر بن سعيد يتركب على هذا القول إن الآية مؤذنة بخلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما يريد لما كشف الغيب أنهما دعوا إلى قتال أهل الردة وحكى الثعلبي عن رافع بن خديج أنه قال والله لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى ولا نعلم من هم حتى دعا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا انهم أريدوا وقال ابن عباس وابن أبي ليلى هم الفرس وقال الحسن هم فارس والروم وقال أبو هريرة هم قوم لم يأتو بعد والقولان الأولان حسنان لأنهما الذي كشف الغيب وباقيهما ضعيف وقال منذر بن سعيد رفع الله في هذه الجزية وليس الا القتال أو الإسلام وهذا لا يوجد الا في أهل الردة قال القاضي أبو محمد وهو من حورب في فتح مكة وقرا الجمهور من القراء (أو يسلمون) على القطع أي أو هم يسلمون دون حرب وقرا أبي بن كعب فيما حكى الكسائي (أو يسلموا) بنصب الفعل على تقدير أو يكون ان يسلموا ومثله من الشعر قول امرئ القيس (فقلت له لا تبك عيناك إنما * نحاول ملكا أو نموت فنعذرا) الطويل يروى (نموت) بالنصب و (نموت) بالرفع فالنصب على تقدير أو يكون ان نموت والرفع على القطع أو نحن نموت وقوله * (فإن تطيعوا) * معناه فيما تدعون إليه والعذاب الذي توعدهم يحتمل ان يريد به عذاب الدنيا واما عذاب الآخرة فبين فيه
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»