المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ١٦٢
وقوله * (إلى ربهم) * قيل هي بمعنى اللام أي أخبتوا لربهم.
وقيل المعنى جعلوا قصدهم بإخباتهم إلى ربهم والفريقان الكافرون والمؤمنون شبه الكافر ب * (الأعمى والأصم) * وشبه المؤمن ب * (البصير والسميع) * فهو على هذا تمثيل بمثالين.
وقال بعض المتأولين التقدير كالأعمى الأصم والبصير السميع ودخلت واو العطف كما تقول جاءني زيد العاقل والكريم وأنت تريده بعينه فهو على هذا تمثيل بمثال واحد.
و * (مثلا) * نصب على التمييز.
ويجوز أن يكون حالا.
قوله عز وجل هود 25 - 27 هذه آية قصص فيه تمثيل لقريش وكفار العرب وإعلام محمد صلى الله عليه وسلم ببدع من الرسل.
وروي أن نوحا عليه السلام أول رسول إلى الناس.
وروي أن إدريس نبي من بني آدم إلا أنه لم يرسل فرسالة نوح إنما كانت إلى قومه كسائر الأنبياء وأما الرسالة العامة فلم تكن إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة إني بكسر الألف وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي أني بفتح الألف.
فالكسر على إضمار القول والمعنى قال لهم " إني لكن نذير مبين " ثم يجيء قوله * (أن لا تعبدوا) * محمولا ل * (أرسلنا) * أي أرسلنا نوحا بأن لا تعبدوا إلا الله واعترض أثناء الكلام بقوله * (إني لكم نذير مبين) * وفتح الألف على إعمال * (أرسلنا) * في أن أي بأني لكم نذير.
قال أبو علي وفي هذه القراءة خروج من الغيبة إلى المخاطبة.
قال القاضي أبو محمد وفي هذا نظر وإنما هي حكاية مخاطبته لقوله وليس هذا حقيقة الخروج من غيبة إلى مخاطبة ولو كان الكلام أن أنذرهم ونحوه لصح ذلك.
والنذير المحفظ من المكاره بأن يعرفها وينبه عليها و * (مبين) * من أبان يبين.
وقوله * (أن لا تعبدوا إلا الله) * ظاهر في أنهم كانوا يعبدون الأوثان ونحوها وذلك بين في غير هذه الآية.
و * (أليم) * معناه مؤلم ووصف به اليوم وحقه أن يوصف به العذاب تجوزا إذ العذاب في اليوم فهو كقولهم نهار صائم وليل قائم.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»