المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ١٥٧
على الدنيا في الأولين وفي الثالثة عائد على الآخرة ويحتمل أن يعود في الثلاثة على الدنيا ويحتمل أن تعود الثانية على الأعمال.
وقرأ جمهور الناس وباطل بالرفع على الابتداء والخبر وقرأ أبي وابن مسعود وباطلا بالنصب قال أبو حاتم ثبتت في أربعة مصحف والعامل فيه * (يعملون) * و " ما " زائدة التقدير وباطلا كانوا يعلمون.
والباطل كل ما تقتضي ذاته أن لا تنال به غاية في ثواب ونحوه وبالله التوفيق.
قوله عز وجل هود 17 اختلف المتأولون في المراد بقوله * (أفمن) * فقالت فرقة المراد بذلك المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقالت فرقة المراد محمد صلى الله عليه وسلم خاصة.
وقال علي بن أبي طالب والحسن وقتادة مجاهد والضحاك وابن عباس المراد بذلك محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنون جميعا.
وكذلك اختلف في المراد بالبينة فقالت فرقة المراد بذلك القرآن أي على جلية بسبب القرآن وقالت فرقة المراد محمد صلى الله عليه وسلم والهاء في البينة للمبالغة كهاء علامة ونسابة.
وكذلك اختلف في المراد بالشاهد فقال ابن عباس وإبراهيم النخعي ومجاهد والضحاك وأبو صالح وعكرمة هو جبريل.
وقل الحسين بن علي هو محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال مجاهد أيضا هو ملك وكله الله بحفظ القرآن.
قال القاضي أبو محمد ويحتمل أن يريد بهذه الألفاظ جبريل.
وقال علي بن أبي طالب والحسن وقتادة هو لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال فرقة هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وروي ذلك عنه وقالت فرقة هو الإنجيل وقالت فرقة هو القرآن وقالت فرقة هو إعجاز القرآن.
قال القاضي أبو محمد ويتصرف قوله * (يتلوه) * على معنيين بمعنى يقرأ وبمعنى يتبعه وتصرفه بسبب الخلاف المذكور في الشاهد ولنرتب الآن اطراد كل قول وما يحتمل.
فإذا قلنا إن قوله (أفمن) يراد به المؤمنون فإن جعلت بعد ذلك البينة محمد صلى الله عليه وسلم صح أن يترتب الشاهد الإنجيل ويكون * (يتلوه) * بمعنى يقرأه لأن الإنجيل يقرأ شأن محمد صلى الله عليه وسلم وأن يترتب جبريل عليه السلام ويكون * (يتلوه) * بمعنى يتبعه أي في تبليغ الشرع والمعونة
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»