المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٣٦١
وفي قوله * (فلا تشهد معهم) * قوة وصف شهادتهم بنهاية الزور * (ولا تتبع أهواء) * يريد لا تنحط في شهوات الكفرة وتوافقهم على محابهم و * (الذين لا يؤمنون) * عطف نعت على نعت كما تقول جاءني زيد الكريم والعاقل هذا مذهب عظم الناس وقال النقاش نزلت في الدهرية من الزنادقة * (وهم بربهم يعدلون) * أندادا يسوونهم به وإن كانت في الزنادقة فعدلهم غير هذا قوله عز وجل سورة الأنعام 151 هذا أمر من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعوا جميع الخلق إلى سماع تلاوة ما حرم الله بشرع الإسلام المبعوث به إلى الأسود والأحمر و * (تعالوا) * معناه أقبلوا وأصله من العلو فكأن الدعاء لما كان أمرا من الداعي استعمل فيه ترفيع المدعو وتعالى هو مطاوع عالي إذ تفاعل هو مطاوع فاعل و * (أتل) * معناه أسردوا نص من التلاوة التي يصح هي اتباع بعض الحروف بعضا و " ما " نصب بقوله * (أتل) * وهي بمعنى الذي وقال الزجاج أن يكون قوله * (أتل) * معلقا عن العمل و " ما " نصب ب * (حرم) * قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه وهذا قلق و * (أن) * في قوله " أن لا تشركوا " يصح أن تكون في موضع رفع الابتداء التقدير الأمر أن أو ذلك أن ويصح أن تكون في موضع نصب على البدل من " ما " قاله مكي وغيره قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه والمعنى يبطله فتأمله ويصح أن يكون مفعولا من أجله التقدير إرادة أن لا تشركوا به شيئا إلا أن هذا التأويل يخرج أن لا تشركوا من المتلو ويجعله سببا لتلاوة المحرمات و * (تشركوا) * يصح أن يكون منصوبا ب * (أن) * ويتوجه أن يكون مجزوما بالنهي وهو الصحيح في المعنى المقصود و * (أن) * قد توصل بما نصبته وقد توصل بالفعل المجزوم بالأمر والنهي و * (شيئا) * عام يراد به كل معبود من دون الله و * (إحسانا) * نصب على المصدر وناصبه فعل مضمر من لفظة تقديره وأحسنوا بالوالدين إحسانا والمحرمات تنفك من هذه المذكورات بالمعنى وهي الإشراك والعقوق وقرب الفواحش وقتل النفس وقال كعب الأحبار هذه الآيات مفتتح التوراة " بسم الله الرحمن الرحيم قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم " إلى آخر الآية وقال ابن عباس هذه الآيات هي المحكمات التي ذكرها الله في سورة آل عمران اجتمعت عليها شرائع الخلق ولم تنسخ قط في ملة وقد قيل إنها العشر الكلمات المنزلة على موسى وإن اعترض من قال إن * (تشركوا) * منصوب ب * (أن) * بعطف المجزومات عليه فذلك موجود في كلام العرب وأنشد الطبري حجة لذلك
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»