المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٣
بسم الله الرحمن الرحيم سورة النساء بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما هذه السورة مدنية، إلا آية واحدة نزلت بمكة عام الفتح، في عثمان بن طلحة وهي قوله * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) * قال النقاش وقيل نزلت السورة عند هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة قال القاضي أبو محمد وقد قال بعض الناس إن قوله تعالى * (يا أيها الناس) * حيث وقع إنما هو مكي فيشبه أن يكون صدر هذه السورة مكيا، وما نزل بعد الهجرة فإنما هو مدني وإن نزل في مكة أو في سفر من أسفار النبي صلى الله عليه وسلم وقال النحاس هذه السورة مكية قال القاضي أبو محمد ولا خلاف أن فيها ما نزل بالمدينة وفي البخاري آخر آية نزلت * (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) * ذكرها في تفسير سورة براءة من رواية البراء ابن عازب وفي البخاري عن عائشة أنها قالت ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني قد بنى بها قوله تعالى سورة النساء 1 يا حرف نداء وأي منادى مفرد وها تنبيه و * (الناس) * نعت لأي أو صلة على مذهب أبي الحسن الأخفش والرب المالك وفي الآية تنبيه على الصانع وعلى افتتاح الوجود وفيها حض على التواصل لحرمة هذا النسب وإن بعد، وقال * (واحدة) * على تأنيث لفظ النفس وهذا كقول الشاعر (أبوك خليفة ولدته أخرى * وأنت خليفة ذاك الكمال) الوافر وقرأ ابن أبي عبلة من نفس واحد بغير هاء وهذا على مراعاة المعنى إذ المراد بالنفس آدم صلى الله عليه وسلم قاله مجاهد وقتادة وغيرهما والخلق في الآية بمعنى الاختراع ويعني بقوله
(٣)
الذهاب إلى صفحة: 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»