المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٠
سورة الأنعام 121 المقصد بهذه الآية النهي عن الميتة إذ هي جواب لقول المشركين تتركون ما قتل الله والنهي أيضا عما ذبح للأنصاب ومع ذلك فلفظها يعم ما تركت التسمية عليه من ذبح الإسلام وبهذا العموم تعلق محمد بن سيرين وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عمر ونافع وعبد الله بن يزيد الخطمي والشعبي وغيرهم فيما تركت التسمية عليه نسيانا أو عمدا لم يؤكل وقالت طائفة عظيمة من أهل العلم يؤكل ما ذبح ولم يسم عليه نسيانا ولا يؤكل ما لم يسم عليه عمدا وهذا قول الجمهور وحكى الزهراوي عن مالك بن أنس أنه قال تؤكل الذبيحة التي تركت التسمية عليها عمدا أو نسيانا وعن ربيعة أيضا قال عبد الوهاب التسمية سنة فإذا تركها الذابح ناسيا أكلت الذبيحة في قول مالك وأصحابه وإذا تركها عمدا فقال مالك لا تؤكل فحمل بعض أصحابه قوله لا تؤكل على التحريم وحمله بعضهم على الكراهة وقال أشهب تؤكل ذبيحة تارك التسمية عمدا إلا أن يكون مستخفا وقال نحوه الطبري وذبائح أهل الكتاب عند جمهور العلماء في حكم ما ذكر اسم الله عليه من حيث لهم دين وتشرع وقال قوم نسخ من هذه الآية ذبائح أهل الكتاب قاله عكرمة والحسن بن أبي الحسن والضمير في * (إنه) * من قوله * (وإنه لفسق) * عائد على الأكل الذي تضمنه الفعل في قوله * (ولا تأكلوا) * ويحتمل أن يعود على ترك الذكرالذي يتضمنه قوله * (لم يذكر) * والفسق الخروج عن الطاعة هذا عرفه في الشرع وقوله تعالى * (وإن الشياطين) * الآية قال عكرمة عني بالشياطين في هذه الآية مردة الإنس من مجوس فارس وذلك أنهم كانوا يوالون قريشا على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم فخاطبوهم منبهين على الحجة التي ذكرناها في أمر الذبح من قولهم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله فذلك من مخاطبتهم هو الوحي الذي عنى والأولياء قريش والمجادلة هي تلك الحجة وقال ابن عباس وعبد الله بن كثير بل * (الشياطين) * الجن واللفظة على وجهها وكفرة الجن أولياء الكفرة قريش ووحيهم إليهم كان بالوسوسة حتى ألهموهم لتلك الحجة أو على ألسنة الكهان وقال أبو زميل كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال إن إسحاق يعني المختار زعم أنه أوحي إليه الليلة فقال ابن عباس صدق فنفرت فقال ابن عباس * (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) * ثم نهى الله عز وجل عن طاعتهم بلفظ يتضمن الوعيد وعرض أصعب مثال في أن يشبه المؤمن بمشرك وحكى الطبري عن ابن عباس قولا إن الذين جادلوا بتلك الحجة هم قوم من اليهود قال القاضي أبو محمد وهذا ضعيف لأن اليهود لا تأكل الميتة أما أن ذلك يتجه منهم على جهة المغالطة كأنهم يحتجون عن العرب قوله عز وجل سورة الأنعام 122
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»