المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٨
وللمؤمنين ذرونا نتبعكم فقال الله لنبيه * (يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل) * أو في قوله * (فقل لن تخرجوا معي أبدا) * لأن مضمنه الخبر بأن لا يباح لهم خروج وأما الألفاظ فقد بدلتها بنو إسرائيل وغيرتها هذا مذهب جماعة من العلماء وروي عن ابن عباس أنهم إنما بدلوا بالتأويل والأول أرجح وفي حرف أبي بن كعب لا مبدل لكلمات الله وقوله تعالى * (وإن تطع أكثر من في الأرض) * الآية المعنى فامض يا محمد لما أمرت به وانفذ لرسالتك فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك وذكر * (أكثر) * لأن أهل الأرض حينئذ كان أكثرهم كافرين ولم يكن المؤمنون إلا قلة وقال ابن عباس * (الأرض) * هنا الدنيا وحكي أن سبب هذه الآية أن المشركين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الذبائح وقالوا تأكل ما تقتل وتترك ما قتل الله فنزلت الآية ووصفهم عز وجل بأنهم يقتدون بظنونهم ويتبعون تخرصهم والخرص الحزر والظن وقرأ جمهور الناس يضل بفتح الياء وقرأ الحسن بن أبي الحسن يضل بضم الياء ورواه أحمد بن أبي شريح عن الكسائي و " من " في قوله * (من يضل) * في موضع نصب بفعل مضمر تقديره يعلم من وقيل في موضع رفع كأنه قال أي يضل عن سبيله ذكره أبو الفتح وضعفه أبو علي وقيل في موضع خفض بإضمار باء الجر كأنه قال بمن يضل عن سبيله وهذا ضعيف قال أبو الفتح هذا هو المراد فحذفت باء الجر ووصل * (أعلم) * بنفسه قال ولا يجوز أن يكون * (أعلم) * مضافا إلى " من " لأن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه وهذه الآية خبر في ضمنه وعيد للضالين ووعد للمهتدين قوله عز وجل سورة الأنعام 118 119 القصد بهذه الآية النهي عما ذبح للنصب وغيرها وعن الميتة وأنواعها فجاءت العبارة أمرا بما يضاد ما قصد النهي عنه ولا قصد في الآية إلى ما نسي فيه المؤمن التسمية أو تعمدها بالترك وقال عطاء هذه الآية أمر بذكر اسم الله على الشراب والطعام والذبح وكل مطعوم وقوله * (إن كنتم بآياته مؤمنين) * أي إن كنتم بأحكامه وأوامره آخذين فإن الإيمان بها يتضمن ويقتضي الأخذ بها والانقياد لها وقوله تعالى * (وما لكم ألا تأكلوا) * الآية " ما " استفهام يتضمن التقرير وتقدير هذا الكلام أي شيء لكم في أن لا تأكلوا ف أن في موضع خفض بتقدير حرف الجر ويصح أن تكون في موضع نصب على أن لا يقدر حرف جر ويكون الناصب معنى الفعل الذي في قوله * (ما لكم) * تقديره ما يجعلكم * (وقد فصل لكم ما حرم) * أي قد بين لكم الحرام من الحلال وأزيل عنكم اللبس والشك وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وقد فصل لكم ما حرم عليكم على بناء الفعل للمفعول في
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»