المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٥
فساد نسبه فهذا لفظ يلزم قائله على هذا القصد الحد وقوله تعالى * (فاتقوا الله يا أولي الألباب) * تنبيه على لزوم الطيب في المعتقد والعمل وخص * (أولي الألباب) * بالذكر لأنهم المتقدمون في ميز هذه الأمور والذي لا ينبغي لهم إهمالها مع البهائم وإدراكهم وكأن الإشارة بهذه * (الألباب) * إلى لب التجربة الذي يزيد على لب التكليف بالحنكة والفطنة المستنبطة والنظر البعيد وقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء) * الآية اختلف الرواة في سببها فقالت فرقة منهم أنس بن مالك وغيره نزلت بسبب سؤال عبد الله بن حذافة السهمي وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر مغضبا فقال لا تسألوني اليوم عن شيء إلا أخبرتكم به فقام رجل فقال أين أنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في النار فقام عبد الله بن حذافة السهمي وكان يطعن في نسبه فقال من أبي فقال أبوك حذافة قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه وفي الحديث مما لم يذكر الطبري فقام آخر فقال من أبي فقال أبوك سالم مولى أبي شيبة فقام عمر بن ا لخطاب فجثا على ركبتيه وقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا ومحمد نبيا نعوذ بالله من الفتن وبكى الناس من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت هذه الآية بسبب هذه الأسئلة قال القاضي أبو محمد وصعود رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر مغضبا إنما كان بسبب سؤالات الأعراب والجهال والمنافقين فكان منهم من يقول أين ناقتي وآخر يقول ما الذي ألقى في سفري هذا ونحو هذا مما هو جهالة أو استخفاف وتعنيت وقال علي بن أبي طالب وأبو هريرة وأبو أمامة الباهلي وابن عباس في لفظهم اختلاف والمعنى واحد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال أيها الناس كتب عليكم الحج وقرأ عليهم * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * قال علي فقالوا يا رسول الله أفي كل عام فسكت فأعادوا قال لا ولو قلت نعم لوجبت وقال أبو هريرة فقال عكاشة بن محصن وقال مرة فقال محصن الأسدي وقال غيره فقام رجل من بني أسد وقال بعضهم فقام أعرابي فقال يا رسول الله أفي كل عام فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال من السائل فقيل فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لم تطيقوه ولو تركتموه لهلكتم) فنزلت هذه الآية بسبب ذلك ويقوي هذا حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن أعظم المسلمين على المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته " وروي عن ابن عباس أنه قال نزلت الآية بسبب قوم سألوا عن البحيرة والسائبة والوصيلة ونحو هذا من أحكام الجاهلية وقاله سعيد بن جبير قال القاضي أبو محمد وروي أنه لما بين الله تعالى في هذه الآيات أمر الكعبة والهدي والقلائد وأعلم أن حرمتها هو الذي جعلها إذ هي أمور نافعة قديمة من لدن عهد إبراهيم عليه السلام ذهب ناس من العرب إلى السؤال عن سائر أحكام الجاهلية ليروا هل تلحق بتلك أم لا إذ كانوا قد اعتقدوا الجميع سنة لا يفرقون بين ما هو من عند الله وما هو من تلقاء الشيطان والمغيرين لدين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»