المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٥٢٤
والمأوى مفعل من أويت إلى المكان إذا دخلته وسكنت فيه والمثوى مفعل من ثويت والتقدير وبئس مثوى الظالمين هي سورة آل عمران 152 جاءت المخاطبة في هذه الآيات بجمع ضمير المؤمنين وإن كانت الأمور التي عاتبهم الله تعالى عليها لم يقع فيها جميعهم ولذلك وجوه من الفصاحة منها وعظ الجميع وزجره إذ من لم يفعل معد أن يفعل إن لم يزجر ومنها الستر والإبقاء على من فعل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وعد المؤمنين النصر يومئذ على خبر الله تعالى إن صبروا وجدوا فصدق الله الوعد أولا وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاف المسلمين يومئذ ورتب الرماة على ما قد ذكرناه في صدر تفسير هذه الآيات في قصة أحد فبارز علي بن أبي طالب أبا سعد بن أبي طلحة وهو صاحب لواء المشركين وحمل الزبير وأبو دجانة فهزا عسكر المشركين ونهص رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فأبلى حمزة بن عبد المطلب وعاصم بن أبي الأقلح وانهزم المشركون وقتل منهم اثنان وعشرون رجلا فهذا معنى قوله تعالى * (إذ تحسونهم بإذنه) * والحس القتل الذريع يقال حسهم إذا استأصلهم قتلا وحس البرد النبات وقال رؤبة (إذا تشكوا سنة حسوسا * تأكل بعد الأخضر اليبيسا) الرجز قال بعض الناس هو مأخوذ من الحاسة والمعنى في حس أفسد الحواس قال القاضي أبو محمد وهذا ضعيف والإذن التمكين مع العلم بالممكن منه وقوله تعالى * (حتى إذا فشلتم) * يحتمل أن تكون * (حتى) * غاية مجردة كأنه أنه قال إلى أن فشلتم ويقوي هذا أن * (إذا) * بمعنى إذ لأن الأمر قد كان تقضى وإنما هي حكاية حال فتستغني * (إذا) * على هذا النظر عن جواب والأظهر الأقوى أن * (إذا) * على بابها تحتاج إلى الجواب وتكون حتى كأنها حرف ابتداء على نحو دخولها على الجمل واختلف النحاة في جواب * (إذا) * فذهبت فرقة إلى أن الجواب قوله * (تنازعتم) * والواو زائدة وحكى المهدوي عن أبي علي أنه أنه قال الجواب قوله * (صرفكم) * و " ثم " زائدة قال القاضي أبو محمد وهذا قول لا يشبه نظر أبي علي وسيبويه والخليل وفرسان الصناعة إن الجواب محذوف مقدر يدل عليه المعنى تقديره انهزمتم ونحوه والفشل استشعار العجز وترك الجد وهذا مما فعله يومئذ قوم والتنازع هو الذي وقع بين الرماة فقال بعضهم الغنيمة
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»