المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٤٦٠
رجل أقام سلعة في السوق من أول النهار فلما كان في آخره جاءه رجل فساومه فحلف حانثا لقد منعها في أول النهار من كذا وكذا ولولا المساء ما باعها فنزلت الآية بسببه وقال سعيد بن المسيب اليمين الفاجرة من الكبائر ثم تلا هذه الآية وقال ابن مسعود كنا نرى ونحن مع نبينا أن من الذنب الذي لا يغفر يمين الصبر إذا فجر فيها صاحبها وقد جعل الله الأيمان في هذه الألفاظ مشتراة فهي مثمونة أيضا والخلاق الحظ والنصيب والقدر وهو مستعمل في المستحبات وقال الطبري * (ولا يكلمهم الله) * معناه بما يسرهم وقال غيره نفى تعالى أن يكلمهم جملة لأنه يكلم عباده المؤمنين المتقين وقال قوم من العلماء وهي عبارة عن الغضب المعنى لا يحفل بهم ولا يرضى عنهم * (ولا يزكيهم) * يحتمل معنيين أحدهما يطهرهم من الذنوب وأدرانها والآخر ينمي أعمالهم فهي تنمية لهم والوجهان منفيان عنهم في الآخرة و * (أليم) * فعيل بمعنى مفعل فالمعنى مؤلم سورة آل عمران 78 - 79 الضمير في * (منهم) * عائد على أهل الكتاب والفريق الجماعة من الناس هي مأخوذة من فرق إذا فصل وأبان شيئا عن شيء و * (يلوون) * معناه يحرفون ويتحيلون بتبديل المعاني من جهة اشتباه الألفاظ واشتراكها وتشعب التأويلات فيها ومثال ذلك قولهم راعنا واسمع غير مسمع ونحو ذلك وليس التبديل المحض بلي وحقيقة اللي في الثياب والحبال ونحوها فتلها وإراغتها ومنه لي العنق ثم استعمل ذلك في الحجج والخصومات والمجادلات تشبيها بتلك الإراغة التي في الأجرام فمنه قولهم خصم ألوى ومنه قول الشاعر (فلو كان في ليلى شذى من خصومة * للويت أعناق الخصوم الملاويا) الطويل وقال الآخر (ألفيتني ألوي بعيدا مستمر *) الرجز وقرأ جمهور الناس يلوون مضارع لوى على وزن فعل بتخفيف العين وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح يلوون بتشديد الواو وفتح اللام من لوى على وزن فعل بتشديد العين وهو تضعيف مبالغة لا تضعيف تعدية وقرأ حميد يلون بضم اللام وسكون الواو وهي في الأصل يلون مثل قراءة الجماعة فهمزت الواو المضمومة لأنها عرفها في بعض اللغات فجاء يلوون فنقلت ضمة الهمزة إلى اللام فجاء يلون و * (الكتاب) * في هذا الموضع التوراة وضمير الفاعل في قوله * (لتحسبوه) * هو
(٤٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»