فكانت طائفة من تهامة لا تطوف بينهما في الجاهلية لذلك فلما جاء الإسلام تحرجوا من الطواف وروي عن عائشة رضي الله عنها أن ذلك في الأنصار وذلك أنهم كانوا يهلون لمناة التي كانت بالمشلل حذو قديد ويعظمونها فكانوا لا يطوفون بين إساف ونائلة إجلالا لتلك فلما جاء الإسلام تحرجوا فنزلت هذه الآية وروي عن الشعبي أن العرب التي كانت تطوف هنالك كانت تعتقد ذلك السعي إجلالا لإساف ونائلة وكان الساعي يتمسح بإساف فإذا بلغ المروة تمسح بنائلة وكذلك حتى تتم أشواطه فلما جاء الإسلام كرهوا السعي هنالك إذ كان بسبب الصنمين واختلف العلماء في السعي بين الصفا والمروة فمذهب مالك والشافعي أن ذلك فرض ركن من أركان الحج لا يجزي تاركه أو ناسيه إلا العودة ومذهب الثوري وأصحاب الرأي أن الدم يجزئ تاركه وإن عاد فحسن فهو عندهم ندب وروي عن أبي حنيفة إن ترك أكثر من ثلاثة أشواط فعليه دم وإن ترك ثلاثة فأقل فعليه لكل شوط إطعام مسكين وقال عطاء ليس على تاركه شيء لا دم ولا غيره واحتج عطاء بما في مصحف ابن مسعود أن لا يطوف بهما وهي قراءة خالفت مصاحف الإسلام وقد أنكرتها عائشة رضي الله عنها في قولها لعروة حين أنه قال لها أرأيت قول الله * (فلا جناح عليه أن يطوف بهما) * فما نرى على أحد شيئا ألا يطوف بهما قالت يا عروة كلا لو كان ذلك لقال فلا جناح عليه ألا يطوف بهما قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه وأيضا فإن ما في مصحف ابن مسعود يرجع إلى معنى أن يطوف وتكون لا زائدة صلة في الكلام كقوله * (ما منعك ألا تسجد) * الأعراف 12 وكقول الشاعر (ما كان يرضى رسول الله فعلهم * والطيبان أبو بكر ولا عمر) البسيط أي وعمر وكقول الآخر (وما ألوم البيض أن لا تسخرا *) الرجز ومذهب مالك وأصحابه في العمرة أنها سنة إلا ابن حبيب فإنه أنه قال بوجوبها وقرأ قوم من السبعة وغيرهم ومن يطوع بالياء من تحت على الاستقبال والشرط والجواب في قوله * (فإن) * وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم تطوع على بابه في المضي ف " من " على هذه القراءة بمعنى الذي ودخلت الفاء في قوله * (فإن) * للإبهام الذي في " من " حكاه مكي وقال أبو علي يحتمل تطوع أن يكون في موضع جزم و " من " شرطية ويحتمل أن تكون " من " بمعنى الذي والفعل صلة لا موضع له من الإعراب والفاء مؤذنة أن الثاني وجب لوجوب الأول ومن أنه قال بوجوب السعي أنه قال معنى * (تطوع) * أي زاد برا بعد الواجب فجعله عاما في الأعمال وقال بعضهم معناه من تطوع بحج أو عمرة بعد حجة الفريضة ومن لم يوجب السعي أنه قال المعنى من تطوع بالسعي بينهما وفي قراءة ابن مسعود فمن تطوع بخير ومعنى * (شاكر) * أي يبذل الثواب والجزاء * (عليم) * بالنيات والأعمال لا يضيع معه لعامل بر ولا غيره عمل
(٢٣٠)