أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٥٩
فيها مسألتان المسألة الأولى هذا كلام مرتبط بما قبله وصى الله فيه داود فيدل ذلك على أن الذي عوتب عليه طلب المرأة من زوجها وليس ذلك بعدل ألا ترى أن محمدا لم يطلب امرأة زيد وإنما تكلم في أمرها بعد فراق زوجها وإتمام عدتها وقد بينا أن هذا جائز في الجملة ويبعد من منصب النبوة فلهذا ذكر وعليه عوتب وبه وعظ المسألة الثانية قوله تعالى (* (خليفة) *)) قد بينا الخلافة ومعناها لغة وهو قيام الشيء مقام الشيء والحكم لله وقد جعله الله للخلق على العموم بقوله إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون وعلى الخصوص في قوله تعالى (* (إني جاعل في الأرض خليفة) *) البقرة 3 وقوله تعالى (* (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) *) والخلفاء على أقسام أولهم الإمام الأعظم وآخرهم العبد في مال سيده قال النبي كلكم راع وكلكم مسوؤل عن رعيته والعبد راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته بيد أن الإمام الأعظم لا يمكنه تولي كل الأمور بنفسه فلا بد من الاستنابة وهي على أقسام كثيرة أولها الاستخلاف على البلاد وهو على قسمين أحدهما أن يقدمه على العموم أو يقدمه على الخصوص فإن قدمه وعينه في منشوره وقف نظره حيث خص به وإن قدمه على العموم فكل ما في المصر يتقدم عليه وذلك في ثلاثة أحكام الأول القضاء بين الناس فله أن يقضي وله أن يقدم من يقضي فإذا قدم للقضاء بين الناس والحكم بين الخلق كان له النظر فيما فيه التنازع بين الخلق وذلك
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»