أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٦٢
وأما ولاية النقابة فهي محدثة أيضا لأنه لما كثرت الدعاوى في الأنساب الهاشمية لاستيلائها على الدولة نصب الولاة قوما يحفظون الأنساب لئلا يدخل فيها من ليس منها ثم زادت الحال فسادا فجعلوا إليهم من يحكم بينهم فردوهم لقاض منهم لئلا تمتهنهم القضاة من سائر القبائل وهم أشرف منهم وهي بدعية تنافي الشرعية وأما ولاية الصلاة فهي أصل في نفسها وفرع للإمارة فإن النبي كان إذا بعث أميرا كانت الصلاة إليه ولما فسد الأمر ولم يكن فيهم من ترضى حاله للإمامة بقيت الولاية في يده بحكم الغلبة وقدم للصلاة من يرضى حاله سياسة منهم للناس وإبقاء على أنفسهم فقد كان بنو أمية حين كانوا يصلون بأنفسهم يتحرج أهل الفضل من الصلاة خلفهم ويخرجون على الأبواب فيأخذونهم بسياط الحرس فيضربون لها حتى يفروا بأنفسهم عن المسجد وهذا لا يلزم بل يصلى معهم وفي إعادة الصلاة خلاف بين العلماء بيانه في كتب الفقه وأما ولاية الحج فهي مخصوصة ببلاد الحج وأول أمير بعثه عليه السلام أبو بكر الصديق بعثه سنة تسع قبل حجة الوداع وأرسله بسورة براءة ثم أردفه عليا كما تقدم بيانه في السورة المذكورة وأما ولاية الصدقة فقد استعمل رسول الله على الصدقات كثيرا أما وضع الجزية والخراج فقد صالح رسول الله أكيدر دومة وأهل البحرين فأمر عليهم العلاء بن الحضرمي بعد تقريره ولو لم يتفق التقرير لخليفة لجاز أن يبعث من يقرره كما فعل عمر حين بعث إلى العراق عماله وأمرهم بمساحة الأرض ووضع الخراج عليها وأما ما تختلف أحكامه باختلاف البلدان فليس بولاية فيدخل في جملة الولايات وإنما هو النظر في مكة وحرمها ودورها وفي المدينة وحرمها وفيما توفي رسول الله عنه فيها وأحوال البلاد فيما فتح منها عنوة وصلحا وهذه الشريعة فيما
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»