أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٦
المسألة الثالثة قوله تعالى (* (واتقى) *)) وقد تقدم الكلام في حقيقة التقوى وأنها عبارة عن حجاب معنوي يتخذه العبد بينه وبين العقاب كما أن الحجاب المحسوس يتخذه العبد مانعا بينه وبين ما يكرهه المسألة الرابعة قوله تعالى (* (وصدق بالحسنى) *)) فيها ثلاثة أقوال الأول أنها الخلف من المعطى قاله ابن عباس الثاني أنها لا إله إلا الله قاله ابن عباس أيضا الثالث أنها الجنة قاله قتادة المسألة الخامسة في المختار كل معنى ممدوح فهو حسنى وكل عمل مذموم فهو سوأى وعسرى وأول الحسنى التوحيد وآخره الجنة وكل قول أو عمل بينهما فهو حسنى وأول السوأى كلمة الكفر وآخره النار وغيره ذلك مما يتعلق بهما فهو منهما ومراد باللفظ المعبر عنهما واختار الطبري أن الحسنى الخلف وكل ذلك يرجع إلى الثواب الذي هو الجنة المسألة السادسة قوله (* (فسنيسره) *)) يعني نهيئه بخلق أسبابه وإيجاد مقدماته ثم نخلقه بعد ذلك فإن كان حسنا سمي يسرى وإن مذموما سمي عسرى والباري سبحانه خالق الكل فإن أراد السعادة هيأ أسبابها للعبد وخلقها فيه وإن أراد الشقاء هيأ أسبابه للعبد وخلقها فيه وذلك مروي أيضا عن النبي من طريق صحيحة يعضد ما قامت عليه أدلة القول ويعتضد بالشرع المنقول منه ما روي عن علي كنا في جنازة بالبقيع فأتى رسول الله فجلس وجلسنا ومعه عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه إلى السماء فقال ما منكم من نفس منفوسة إلا كتب مدخلها فقلنا يا رسول الله ألا نتكل على كتابنا فقال بل اعملوا فكل ميسر فأما من كان من أهل السعادة فإنه ييسر لعمل
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»