أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٤ - الصفحة ٣٥٧
المسألة الثانية قوله تعالى (* (ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا) *)) يقتضي أن يدفن فيها الميت بجميع أجزائه كلها من شعر وظفر وثياب وما يواريه على التمام وما اتصل به وما بان عنه وقد قررنا ذلك في كتاب الجنائز من المسائل المسألة الثالثة احتج علماؤنا بهذه الآية في قطع النباش لأنه سرق من حرز مكفوت وحمى مضموم وقد عهدنا ذلك في مسائل الخلال وقررناه أن ينظر في دخوله في هذه الآية بأن نقول هذا حرز كفات لقول الله تعالى (* (ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا) *) فجعل حال المرء فيها بعد الممات في كفتها له وضمها لحاله كحالة الحياة وما تحفظه وتحرز حاله حيا كذلك يجب أن يكون ميتا فهذا أصل ثبت بالقرآن ثم ينظر في دخوله تحت قوله (* (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) *) المائدة 38 وذلك يثبت بطريق اللغة فإن السارق فيها هو آخذ المال على طريق الخفية ومسارقة الأعين وهذا فعله في القبر كفعله في الدار ثم ينظر بعد ذلك في أن الذي سرق مال لأن أبا حنيفة بقول إن الكفن ليس بمال لأنه معرض للإتلاف وقلنا نحن هو معرض للإتلاف في منفعة المالك كالملبوس في الحياة ثم ينظر في أنه مملوك لمالك فإن الميت مالك والدليل عليه أنه لو نصب شبكة في حال حياته فوقع فيها صيد بعد وفاته فإنه يكون له تقضى منه ديونه وتنفذ فيه وصاياه وحقيقة الملك موجودة في الكفن لأنه مختص به ومحتاج إليه فإذا ثبتت هذه الأركان من القرآن والمعنى ثبت القطع والله أعلم الآية الثانية قوله تعالى (* (إنها ترمي بشرر كالقصر) *) الآية 32 فيها ثلاث مسائل
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»