سورة النمر فيها ست عشرة آية الآية الأولى قوله تعالى (* (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين) *) الآية 16 فيها مسألتان المسألة الأولى قد بينا فيما سلف أن النبي قال إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة وأنه قال إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا علما والأول أصح فإن قيل فما معنى قوله (* (وورث سليمان داود) *) قلنا وهي المسألة الثانية أراد بالإرث هاهنا نزوله منزلته في النبوة والملك وكان لداود تسعة عشرة ولدا ذكرا وأنثى فخص سليمان بالذكر ولو كانت وراثة مال لانقسمت على العدد فخصه بما كان لداود وزاده من فضله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده الآية الثانية قوله تعالى (* (علمنا منطق الطير) *) فيها مسألتان المسألة الأولى القول في منطق الطير وهو صوت تتفاهم به في معانيها على صيغة واحدة بخلاف منطقنا فإنه على صيغ مختلفة نفهم به معانيها قال علماؤنا وفي المواضعات غرائب ألا ترى أن صوت البوق تفهم منه أفعال مختلفة من حل وترحال ونزول وانتقال وبسط وربط وتفريق وجمع وإقبال وإدبار بحسب المواضعة والاصطلاح وقد كان صاحبنا مموس الدريدي يقرأ معنا ببغداد وكان من قوم كلامهم حروف الشفتين ليس لحروف الحلق عندهم أصل فجعل الله لسليمان معجزة فهم كلام الطير والبهائم والحشرات وإنما خص الطير لأجل سوق قصة الهدهد بعدها ألا تراه كيف ذكر قصة النمل معها وليست من الطير ولا خلاف عند العلماء في أن الحيوانات كلها لها أفهام وعقول وقد قال الشافعي الحمام أعقل الطير وقد قال علماء الأصوليين انظروا إلى النملة كيف تقسم كل حبة تدخرها نصفين لئلا ينبت الحب إلا حب الكزبرة فإنها تقسم الحبة منه على أربع لأنها إذا قسمت بنصفين تنبت وإذا قسمت بأربعة أنصاف لم تنبت وهذه من غوامض العلوم عندنا وأدركتها النمل بخلق الله ذلك لها وقال الأستاذ أبو المظفر شاه نور الإسفرايني ولا يبعد أن تدرك البهائم حدوث
(٤٧١)