أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٥
وقال أبو حنيفة لا يلاعن إلا بعد أن تضع لأنه يحتمل أن يكون ريحا أو داء من الأدواء ودليلنا النص الصريح الصحيح أن النبي لاعن قبل الوضع وقال إن جاءت به كذا فهو لأبيه وإن جاءت به كذا فهو لفلان فجاءت به على النعت المكروه فقال النبي لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها فإن قيل علم النبي حملها فذلك حكم باللعان والحاكم منا لا يعلم أحمل هو أم ريح قلنا إذا جرت أحكام النبي على القضايا لم تحمل على الاطلاع على الغيب فإن الأحكام لم تبن عليه وإن كان به عليما وإنما البناء فيها على الظاهر الذي يشترك مع النبي فيه القضاة كلهم وقد أعرب عن ذلك بقوله إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فأحال على الظواهر وهذا لا إشكال فيه المسألة السابعة إذا قذف بالوطء في الدبر لزوجه لاعن وقال أبو حنيفة لا يلاعن وبناه على أصله في أن اللواط لا يوجب الحد وهذا فاسد لأن الرمي به فيه معرة وقد دخل تحت قوله تعالى (* (والذين يرمون أزواجهم) *) وقد بينا في المتقدم من قولنا وفي مسائل الخلاف وجوب الحد فيه المسألة الثامنة من غريب أمر هذا الرجل أنه قال إذا قذف زوجته وأمها بالزنا إنه إن حد للأم سقط حد البنت وإن لاعن للبنت لم يسقط حد الأم وهذا لا وجه له وما رأيت لهم فيه شيئا يحكى وهذا باطل جدا فإنه خص عموم الآية في البيت وهي زوجة بحد الأم من غير أثر ولا أصل قاسه عليه
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»