فإن قيل الذكر مصدر في الإثبات ولا يحتمل العموم قلنا بل يحتمل العموم كما تقول عجبت من ضربي زيدا إذا كان الضرب الواقع به عاما في جميع أنواع الضرب فيكون العموم في كيفيات الضرب ومتعلقاته والإثبات في النكرة التي لا تعم ما يتناول الأشخاص المسألة الثالثة قوله من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها يقتضي وجوب الصلاة على كل ذاكر إذا ذكر سواء كان الذكر دائما كالتارك لها عن علم أو كان الذكر طارئا كالتارك لها عن غفلة وكل ناس تارك إلا أنه قد يكون بقصد وبغير قصد فمتى كان الذكر وجب الفعل دائما أو منقطعا فافهموا هذه النكتة تريحوا أنفسكم من شغب المبتدعة فما زالوا يزهدون الناس في الصلاة حتى قالوا إن من تركها متعمدا لا يلزمه قضاؤها ونسبوا ذلك إلى مالك وحاشاه من ذلك فإن ذهنه أحد وسعيه في حياطة الدين آكد من ذلك إنما قال إن من ترك صلاة متعمدا لا يقضي أبدا كما قال في الأثر من أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يجزه صيام الدهر وإن صامه إشارة إلى أن ما مضى لا يعود لكن مع هذا لا بد من توفية التكليف حقه بإقامة القضاء مقام الأداء واتباعه بالتوبة ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء المسألة الرابعة قالت المتزهدة معنى (* (وأقم الصلاة لذكري) *) أي لا تذكر فيها غيري فإنه قال فاعبدني أي لي تذلل وأقم الصلاة لمجرد ذكري تحرم عن الدنيا وأخلص للأخرى واعمر لسانك وقلبك بذكر المولى وقد بينا أن هذا لمن قدر عليه هو الأولى فمن لم يفعل كتب له منها بمقدار ذلك فيها وقد مهدنا هذا في شرح الحديث
(٢٥٦)