أحكام القرآن - ابن العربي - ج ٣ - الصفحة ١١٦
المسألة الثالثة قوله (* (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) *) [الحجر 99] أمره بعبادته إذا قصر عباده في خدمته؛ فإن ذلك طب علته وهي كما قدمنا أشرف الخصال والتسمي بها أشرف الخطط قال شيوخ المعاني ألا ترى كيف سمى الله بها رسوله عند أفضل منازله وهي الإسراء فقال (* (سبحان الذي أسرى بعبده) *) [الاسراء 1] ولم يقل نبيه ولا رسوله ولقد أحسن الشاعر فيما جاء به من اللفظ حيث يقول (يا قوم قلبي عند زهراء * يعرفه السامع والرائي) (لا تدعني إلا بيا عبدها * فإنه أشرف أسمائي)) المسألة الرابعة اليقين الموت فأمره باستمرار العبادة أبدا وذلك مدة حياته وكان هذا أبلغ من قوله أبدا لاحتمال لفظه الأبد للحظة الواحدة ولجميع الأبد كما قال العبد الصالح وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا والدليل على أن اليقين الموت أن أم العلاء الأنصارية - وكانت بايعت رسول الله - أخبرت أنهم اقتسموا المهاجرين قرعة فصار لنا عثمان بن مظعون قالت فأنزلناه مع أبنائنا فوجع وجعه الذي مات فيه فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال رسول الله ' وما يدريك أن الله أكرمه؟ ' قلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله فمه؟ فقال رسول الله ' أما هو فقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخيرالحديث ' ويتركب على هذا أن الرجل إذا قال لامرأته أنت طالق أبدا وقال نويت يوما أو شهرا كانت له عليها الرجعة ولو قال طلقتها حياتها لم يراجعها وقد مهدنا ذلك في كتب الفروع والله أعلم
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»