فأخبر أن التوكل الحقيقي لا يضاده الغدو والرواح في طلب الرزق لكن شيوخ الصوفية قالوا إنما تغدو وتروح في الطاعة فهو السبب الذي يجلب الرزق والدليل عليه أمران قوله (* (وأمر أهلك بالصلاة) *) والثاني قوله (* (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) *) فليس ينزل الرزق من محله وهو السماء إلا ما يصعد إليها وهو الذكر الطيب والعمل الصالح وليس بالسعي في جهات الأرض فإنه ليس فيها رزق والصحيح ما أحكمته السنة عند فقهاء الظاهر وهو العمل بالأسباب الدنيوية من الحرث والتجارة والغراسة ويدل عليه ما كانت الصحابة تعمله والنبي بين أظهرهم من التجارة في الأسواق والعمارة للأموال وغرس الثمار ومنهم من كان يضرب على الكفار لتكون كلمة الله هي العليا ويسترزق من أفضل وجوه رزق الله تعالى وهو الأغنام والنبي في ذلك كله راض عنهم وهذه كانت صفة الخلفاء الذين لم يكن أحد أفضل منهم يسلكون هذه السبيل في الاكتساب والتعلق بالأسباب أما إنه لقد كان قوم يقعدون بصفة المسجد ما يحرثون ولا يتجرون ليس لهم كسب ولا مال إنما هم أضياف الإسلام إذا جاءت هدية أكلها النبي معهم وإن كانت صدقة خصهم بها ولم يكن ذلك بمعاب عليهم لإقبالهم على العبادة وملازمتهم للذكر والاعتكاف فصارت جادتين في الدين ومسلكين للمسلمين فمن آثر منهما واحدا لم يخرج عن سننه ولا اقتحم مكروها المسألة التاسعة قوله (* (من فضله) *)) فيه ثلاثة أقوال الأول من حيث شاء وعلم لعموم فضله وسعة رزقه ورحمته الثاني بالمطر والنبات وخصب الأرض فأخصب تبالة وجرش فحملوا إلى مكة الطعام والودك وأسلم أهل نجد وصنعاء الثالث بالجزية
(٤٧٢)