حتى أن ما تحتمله الحروف المقيدة في القرآن قد خرج أكثره عن أن يكون معلوما وقد انحصر الأمر إلى ما نقله القراء السبعة بالأمصار الخمسة وقد روي أن عثمان أرسل ثلاثة مصاحف وروي أنه احتبس مصحفا وأرسل إلى الشام والعراق واليمن ثلاثة مصاحف وروي أنه أرسل أربعة إلى الشام والحجاز والكوفة والبصرة وروي أنه كانت سبعة مصاحف فبعث مصحفا إلى مكة وإلى الكوفة آخر ومصحفا إلى البصرة ومصحفا إلى الشام ومصحفا إلى اليمن ومصحفا إلى البحرين ومصحفا عنده فأما مصحف اليمن والبحرين فلم يسمع لهما خبر قال القاضي وهذه المصاحف إنما كانت تذكرة لئلا يضيع القرآن فأما القراءة فإنما أخذت بالرواية لا من المصاحف أما إنهم كانوا إذا اختلفوا رجعوا إليها فما كان فيها عولوا عليه ولذلك اختلفت المصاحف بالزيادة والنقصان فإن الصحابة أثبتت ذلك في بعض المصاحف وأسقطته في البعض ليحفظ القرآن على الأمة وتجتمع أشتات الرواية ويتبين وجه الرخصة والتوسعة فانتهت الزيادة والنقصان إلى أربعين حرفا في هذه المصاحف وقد زيدت عليها أحرف يسيرة لم يقرأ بها أحد من القراء المشهورين تركت فهذا منتهى الحاضر من القول الذي يحتمله الفن الذي تصدينا له من الأحكام المسألة التاسعة إذا ثبتت القراءات وتقيدت الحروف فليس يلزم أحدا أن يقرأ بقراءة شخص واحد كنافع مثلا أو عاصم بل يجوز له أن يقرأ الفاتحة فيتلو حروفها على ثلاث قراءات مختلفات لأن الكل قرآن ولا يلزم جمعه إذ لم ينظمه الباري لرسوله ولا قام دليل على التعبد به وإنما لزم الخلق بالدليل ألا يتعدوا الثابت إلى ما لم يثبت فأما تعيين الثابت في التلاوة فمسترسل على الثابت كله والله أعلم 23
(٦١٣)